ظاهرة كونية نادرة.. الشمس تمتلك آلية فريدة تحميها من هدر طاقتها!

تمكن مسبار باركر التابع لناسا من التقاط أوضح رؤية حتى الآن للمواد الشمسية وهي تتدفق بعيدا عن نجمنا، قبل أن يقوم بعضها “بالعودة على أعقابه”، متجها نحو النجم مرة أخرى بعد ثوران.
وتظهر ورقة بحثية جديدة نشرت الخميس 11 ديسمبر في مجلة Astrophysical Journal Letters، من خلال الصور التي التقطها مسبار باركر، كيف تعيد الشمس تدوير طاقتها المغناطيسية، وهي عملية تساعد على تشكيل العاصفة الشمسية التالية وقد تسمح للعلماء بالتنبؤ بطقس الفضاء بشكل أبعد في المستقبل.
ويضم الفيديو صورا التقطت أثناء اقتراب باركر القياسي من الشمس في ليلة عيد الميلاد 2024، عندما حلق المسبار على بعد 3.8 مليون ميل (6.1 مليون كيلومتر) فقط فوق السطح الشمسي. وخلال هذا التحليق، رصد باركر شعلة شمسية تنفجر من الشمس، تماما كما كان العلماء يأملون، حيث التقط لحظة بالغة الدقة: سحابة عملاقة من البلازما المتأينة تنطلق بسرعة هائلة بعيدا عن النجم، ثم يحدث ما لم يكن متوقعا بهذا الوضوح من قبل، فبدلا من أن تستمر في رحلتها إلى الفضاء السحيق، يبدأ جزء من هذه المادة الكونية الحارقة بالتراجع والانعطاف عائدا إلى المصدر الذي انطلقت منه، كأن الشمس تملك خطا خفيا غير مرئي يسحب إليها ما فقدته.
وهذه الظاهرة، التي يصفها العلماء بـ “التدفقات الداخلة”، تكشف عن آلية بالغة التعقيد في عمل المجال المغناطيسي الشمسي. فخطوط القوة المغناطيسية، بعد أن تتمدد إلى أقصى حدودها مع انطلاق الانفجار الشمسي، تصل إلى نقطة حرجة فتتمزق كما يتمزق النسيج القديم تحت الضغط، ثم تعيد توصيل نفسها بسرعة فائقة مشكلة حلقات مغناطيسية عملاقة.
وبعض هذه الحلقات يندفع إلى الأعماق الكونية حاملا الطاقة الشمسية إلى الكواكب البعيدة، بينما يتراجع البعض الآخر حاملا معه جزيئات البلازما الساخنة إلى حيث انطلقت.
والأهم من جمال هذه الظاهرة الكونية هو تأثيرها العملي على حياتنا. فالمواد التي تعود إلى الشمس لا تختفي ببساطة، بل تعيد تشكيل البيئة المغناطيسية القريبة من السطح الشمسي، ما يغير مسارات الانفجارات الشمسية المستقبلية. وهذا الفهم الجديد قد يكون المفتاح لتطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر فاعلية للعواصف الشمسية المدمرة التي تهدد شبكات الكهرباء والاتصالات والأقمار الصناعية التي يعتمد عليها حضارتنا الحديثة.
ويقول العلماء الذين راقبوا هذه الظاهرة إنهم يشعرون كما لو أنهم ينظرون إلى الشمس لأول مرة وهي تقوم بـ “إعادة تدوير” طاقتها ومادتها، في عملية مستمرة تعيد تشكيل وجه نجمنا يوما بعد يوم.
المصدر: سبيس









