الكارثة…..بقلم أماني الوزير

لا تأتي الكارثة دفعةً واحدة،
تدخل كارتعاشٍ خفيف
في طرف العصب،
ثم تنتشر
كما لو أن الجسد نسي
كيف يُغلق أبوابه فسقط.
التشنّج لا يصرخ،
هو انقباضٌ ذكيّ
يعرف أين يضغط.
والالتهاب ليس مرضًا،
هو سوء تفاهم طويل
بين الخلايا والنجاة.
سحبةٌ من النخاع
تُعيد ترتيب السلطة داخل الجسد،
تُخبره فجأة
أن الحياة ليست حقًّا مكتسبًا
بل امتيازًا مؤقّتًا
قابلًا للسحب.
طفلٌ يصرخ.
الصوت حادّ،
كأنه يحاول
أن يُعيد العالم إلى وضعه الافتراضي.
ولا أحد يستطيع أن يفعل
سوى الرب في عليائه.
القلب أعمى، رغم البصيرة البيضاء
يحمل
ثِقَل الكون وضرره،
انفجاراته الصغيرة،
تعبه المتراكم منذ الخلق.
الحرارة ترتفع لا كعرض،
بل كاحتجاج.
والجهاز يعدّ النبض
بأمانةٍ مخيفة:
دوم .. دوم .. دوم
مئة
مئة وعشرون
مئة وأربعون
مئة وستون.
نعم، مئة وستون محاولة
في الدقيقة
لعدم الانطفاء ثم تبدأ النوبة..
عزرائيل كان حاضرا لكنه لم يتلقَّ الأمر بعد.
هذا ليس إنذارًا،
هذه نبوءة قصيرة الأمد
عن نوبةٍ
تعرف طريقها
ولا تستعجل.
العيون مفتوحة
على اتّساعٍ غير إنساني،
مداراتٌ فقدت كواكبها،
دورانٌ بلا مركز،
وأسباب
تتراكم
حتى تصير بلا سبب.
وفي الأعلى -لا أعلى جغرافي، أعلى مفهوميّ-
ينظر الرب
إلى هذا الارتباك المحكم،
إلى الجسد وهو يفاوض البقاء
وحده،
إلى الصراخ،
إلى النبض المتسارع
كقلب كوكب يحتضر،
ويبتسم.
ليست ابتسامة قسوة،
ولا رحمة،
بل معرفة قديمة
أن الأشياء
حين تبلغ هذا الحد
لا تحتاج تفسيرًا،
تأدب في حضرةِ البلاء..
قف مكتوف الأيدي وانتظر المشيئة.
الصوت يصل… ليس لأنه عالٍ،
بل لأنه صادق إلى درجةٍ
تخترق السماوات
دون استئذان.
وهنا؛
حين يتكامل المشهد،
ويفيض عن طاقته،
يحدث ذلك الشيء الغريب:
نضحك.
لا شماتة، لا خفة، ضحكٌ
كردّ فعل أخير
لجسدٍ
فهم أكثر مما ينبغي
ثم بقى حيًّا.









