رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :غربان الليل و زوار الفجر

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

لست عضوا في اية اتحاد او رابطة او منظمة ادبية او ثقافية في اي مكان في العالم رغم امتيازات كثيرة حتى اتحاد ادباء النرويج وهو منظمة دولية محترمة وقوة اوروبية ثقافية لم افكر في الانتماء له رغم الحاح الاصدقاء من قناعة لا ادري صحتها في ان الكتابة نشاط فردي حر والمؤسسة قوانين وقواعد وثوابت رغم منظمات الاتحاد الادبية الاوروبية لا تفرض على الكاتب ماذا يكتب او لا يكتب بل حتى الرقابة على الكتاب تم رفعها وضمير الكاتب هو الرقيب شرط ان لا تدعو للعنف والعنصرية والكراهية وعدا ذلك الكاتب حر في الحديث عن ادق تفاصيل حياته الخاص.
في النرويج وعدد سكانه لا يزيد عن خمسة ملايين يصدر سنويا ما يعادل عشرة الاف كتاب في السنة بين الرواية والسيرة والمذكرات من المنزل الى المطبعة.
أي ما يساوي ما صدر من كتب في العراق منذ القرن الماضي حتى اليوم. لم نسمع صرخات ضد كتاب انه حطم قيمنا وأخلاقنا وهشم تقاليدنا إلا اذا كانت هذا القيم والاخلاق ملصوقة بصمغ مغشوش. هذه الشعوب واثقة من نفسها .
لم يسلم حتى الملك الذي قال عنه مؤرخ كبير انه نغل وكان رد الملك المقتضب” من حق الكاتب البحث في الأرشيف لكننا لم نسمع بذلك” وكان الرد قد كسب احترام هذا الشعب لان فيه الجانب التربوي وادارة الاختلاف دون أن يجيش الحرس الملكي لحرق وقتل الكاتب مسح بلدته واقاربه ومن صادفه في ذلك اليوم المشؤوم. في حين لا نستطيع أن نقول لجرذ حكومي عربي أنك على خطأ. متى تخطأ آلهة الخراب؟
لكني وجدت من غير الممكن ألا أكون عضوا في منظمة ولو في نقابة عمال تنظيف او صالونات حلاقة او جمعيات الرفق بالحيوان واذا تطلب الامر عضو فخري في عصابة السطو على مصارف. يجب أن تكون منتمياً لجماعة أو تيار.
لا يتوازن الانسان على الحكم والنصائح والشعارات والخطابات، بل على حياة آمنة ومستقرة وعادلة
وضمان أبدي وتلبية حاجاته الاساسية بلا منة ولا مكرمات لان هذه حقوقه وثروة بلاده ،
في العالم العربي سمعنا كثيراً عبارة: إرفع رأسك أنت عربي، في حين تتلصص عليه اجهزة الامن والمخابرات والشرطة المحلية والجيران والسفارات ومنظمات ارهابية ومختار الحي وفروع الامن وحتى زبال المنطقة والحلاق واصحاب الفنادق والفران،
وهو عالق في شبكة ارهابية بعناوين مزيفة، فكيف يرفع رأسه؟ الوقوف بتعبير فيكتور هيجو ليس وضعية وقد تكون واقفاً والروح جاثية.
لذلك قررت الانتماء الى منظمة” غربان الليل”.
غربان الليل منظمة نرويجية من متطوعين مميزة بالثياب الصفر تبحث في الليل وفي عطلة الاسبوع في زوايا الشوارع والمنعطفات وفي الحفر،
وتحت مظلات المحلات عن كل سكران مغمي عليه، أو عاشق منهار وعالق في شبكة مجاري، أو مقلوب على وجهه في الثلج،
وأي حشاش يقف منتصف الطريق ويعتقد أنه موقف الحافلات،
أو أي عازف هارب من الحفل بعد ضربه بالكراسي لازعاج الجمهور،
وأي ثمل شرب حتى الثمالة وسقط على وجهه في الثلج،
أو تلقى وهو خارج المرقص رسالة الكترونية عن مرض قطه أو كلبه وأصيب بالاغماء على وجهه في الثلج.
هذه المنظمة تضم أطباء وممرضين ومسعفين وسيارات إسعاف مزودة بمستلزمات صحية للاسعاف الفوري، كجزء من واجب الدولة الراعية تجاه مواطنيها،
هو العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة في أن ترعاه وفي أن يقوم بواجبه
بلا هتافات للدولة ولا مديح للحاكم لكي يتغطرس لانه موظف في الدولة يقوم بواجبه،
كما يحدث عندنا عندما يرتفع الجعير لأتفه فعل إستعراضي من مسؤول،
لأننا مصنع منتج للأوغاد والممثلين والمسوخ.
لا يجوز قانوناً أن ينام المواطن بلا سقف أو جائعاً أو متألماً من مرض أو خائفاً من أحد لان ابشع شعور يشوه الانسان هو الخوف:
الوطن هو الصديق ولو كان منفى عندما تحولت الاوطان منافي.
الدولة هنا ليست متفضلة عليه، بل هو جزء جوهري من واجبها وشعارها:
للمواطن الحق في ممارسة الفرح والحرية والسعادة بل النزق وعليها حمايته في كل الأحوال، من الفرح والطيش والمغامرة والمرض والخطر بصرف النظر عن مسؤوليته في الأمر بلا معارات ولا وصم ولا تجريح.
يقول أحد المصادر عن منظمة غربان الليل:
” “غربان الليل” Natteravnene)؟” هم مجموعات من المتطوعين (غالباً من الآباء والمواطنين العاديين) الذين يتجولون في شوارع المدن والمناطق السكنية في أوقات متأخرة من الليل، خاصة في عطلات نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت). ما هي مهامهم؟
توفير الأمان: هدفهم الأساسي هو أن يكونوا “عيوناً ساهرة” في الشوارع، حيث يرتدون سترات صفراء أو ملابس مميزة يسهل التعرف عليها. وجودهم يقلل من حوادث العنف والتخريب”.
“مساعدة الأشخاص في حالة إغماء أو تعب: إذا وجدوا شخصاً فاقداً للوعي (بسبب البرد أو التعب أو استهلاك مفرط لمواد معينة)، فإنهم يقدمون له المساعدة الأولية، يتصلون بسيارة الإسعاف، أو يتأكدون من وصوله إلى منزله بأمان. دعم الشباب: يركزون بشكل خاص على حماية المراهقين والشباب الذين يسهرون في الخارج، ويكونون بمثابة “بالغين موثوقين” يمكن اللجوء إليهم عند الشعور بالخوف أو الحاجة للمساعدة”.
” التواصل مع الطوارئ: هم ليسوا شرطة، ولا يتدخلون جسدياً في النزاعات، لكنهم يتصلون بالشرطة أو الإسعاف فوراً عند الضرورة”.
على النقيض من ذلك تحضر صورة مختلفة من العالم العربي،
عندما تقوم اجهزة الأمن المتعددة بمطاردة كل كاتب ومفكر وحالم ومثقف يحلم خارج السرب وشرشحته في الشوارع علناً أمام الناس، أو كبسه في سرير النوم واهانته أمام العائلة.
منظمة غربان الليل توقظ السكارى من النوم تحت الثلج حفاظاً على حياتهم، واجهزة الأمن العربي تطارد المثقفين بتهمة ايقاظ الجماهير من النوم.
شعار منظمة غربان الليل هو” الأمان” مع العدالة، وشعار الأمن العربي هو” الأمن”والعدالة مفقودة.
هو الفارق بين الدولة الأم الراعية، وبين دولة العصابة التي تعاقب على النوايا ،
بين دولة ترعى الفرح البشري من الخطر، وبين دولة تزرع الحزن والقلق والكآبة، بين المواطن وبين العبد المقنّع.
إن الذي ستعثر عليه مغمياً في منعطف منتصف الليل، هو في النهاية إنسان يستحق أن يكون سعيداً، حتى لو تطرف في ذلك، وعلى الدولة حمايته من الذهاب بفرحه نحو الحافات الخطرة.
هو الفارق بين غربان الليل لانقاذ حياة وكرامة الانسان، وبين مداهمة زوار الفجر لهتك الحياة والكرامة.
في فيلم” زائر الفجر” كناية عن رجال الأمن بطولة ماجدة الخطيب ومنع من العرض زمن السادات الذي رفض مقابلة ماجدة الخطيب وتعرض الكادر للتحقيق الامني ومات مخرجه ممدوح شكري حزنا عليه بعد شهور او ربما لسبب غامض تقول الخطيب في الفيلم”
” البلد دي ريحتها فاحت.. عفنت، بقت عاملة زي صفيحة الزبالة لازم تتحرق”.
صفيحة الزبالة التي كانت واحدة في زمن ماجدة الخطيب صارت دولاً وجمهوريات وممالك ورائحتها فاحت ايضا لكن المفارفة هي من تحرق المواطن لا من تحترق.
ـــــــــــــــــ منظمة غربان الليل البحث عن كل من يحتاج مساعدة فورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock