شغف العلم وفيض العطاء… محمد علي محسن

شغف العلم وفيض العطاء..
بقلوبٍ تفيض امتنانًا ووفاءً ، اجتمعنا صباحَ اليوم الثلاثاء، في قاعة كلية الضالع الجامعية، لنحيي الذكرى الثالثة – ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢م – لرحيل الصديق النبيل، الدكتور عادل علي ناصر لسود (أبا عبد الكريم) .
فلم نأتِ لنندبَ فقيدًا غائبًا، بل لنحتفِي بإرثٍ حَيٍّ حاضر ، ونسجِّلَ شهادةً على حياةٍ إنسان ترك فينا أثرًا لا يمحى .
حقيقة لم أتمالك ذاتي فساح الدمع في وجنتي تأثرًا من الكلمات والقصائد وكثافة الحضور ، وبمقدار الحب والاعتزاز الذي رأيته في وجوه زملاء وطلاب ورفاق الفقيد .
دمعتْ عينايَ لا من فراقٍ، بل من يقينٍ بأن عادل كان صنفًا من البشر لا يقبل النسيان، فلم يكن مجرَّدَ اسمٍ في قائمةِ الحاضرين، بل كان وجهًا وذكرى عصيّة على الرحيل والفُقد”.
وقالتِ العرب : “ما مات من خلَّفَ..”. فكيف بمن كان نبعًا متدفِّقًا من السموِّ والخير، غارسًا بذورَ العلم والمعرفة في كلِّ من حوله؟ وكيف بمن ترك من بعده خيرَ الخَلَف: ولدًا صالحًا بارًّا، وزملاء أوفياء، ومحبِّين يخلِّدون سيرتَه في كتابٍ جامع؟ .
وُزِّعَ للحاضرين كتابٌ يوثِّقُ سيرةَ الدكتور عادل (أبا عبد الكريم)، الذي كان بحقٍّ تجسيدًا حيًّا لـ “تواضع العالم وزهد الحكيم” .
والكتاب هو أصدقُ تجسيدٍ لمحبةٍ تغلَّبت على مرارة الفقد، ووفاءٍ يُجسِّد قيمةً إنسانيةً سامية، تذكِّرنا بأن ازدهارَ الأمم لا يكون إلا باقتفاء أثر أخيارها، وبالوفاءِ لمن أضاءوا الدربَ بمعرفتهم وأخلاقهم.
نعم ، ليس مجردَ أوراقٍ وتجليد؛ إنه مرآة صافية تُعيد إلينا بهاءَ تلك الروح، وتلخِّص جوهرَ رجلٍ عاشَ بالإخلاصِ للغة الضاد، وبالبرِّ لوالديه، وبالودِّ لكلِّ مَن عرفه.
عاش ابنًا بارًّا، وصديقًا ودودًا لم تُعرف له قطُّ غلظةٌ أو غضبٌ، فكانت الطيبة والمحبة والسلام شعارَ حياته . وكان التواضعُ رداءَه، والعطاءُ سجيَّته، ونقاءُ السريرةِ طبيعتَه.
رحلَ جسدُ الدكتور عادل، لكنَّ “أثرهَ باقٍ حاضرٌ في النفوسِ والأذهان” ، وهذا الكتابُ وألق الحضور خيرُ شاهدٍ على أنَّ ذكراه ستظلُّ عطرًا فريدًا يطيبُ حياتنا ، وستبقى روحُه النقيةُ وسيرتُه التواقةَ إلى العلمِ وهجًا يُضيءُ لمن بعده.
فطوبى لمن خَلَّدَهم العملُ الصالحُ والخلقُ الرفيع، وطوبى لأمةٍ توفِّي رجالَها المخلصين حقَّهم من التكريمِ والذكر .
وشكرًا كثيرًا لكل من ساهم وبذل واجتهد لطباعة الكتاب أو التنظيم للحفل ، وتحيةٌ إكبارٍ لكلِّ الحضور الذين جسَّدوا بوجودهم معنى الوفاء
نسأل الله العلي القدير أن يتغمَّد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا ..
محمد علي محسن









