تعبٌ يكفي لحياة واحدة…..بقلم محب خيري الجمال

تعبٌ يكفي لحياة واحدة
توقّفي عن الجري،
ليس لأن الطريق انتهى،
بل لأن قلبكِ لم يُخلق ليُعامَل كصافرة إنذار.
كل هذا الركض
حوّلكِ إلى فكرةٍ متعبة،
إلى امرأة تصل متأخرة عن ذاتها دائما.
أنتِ لا تبحثين عن نجاة،
النجاة كلمة مخادعة تُقال للغرقى بعد فوات الأوان،
أنتِ تبحثين عن ثِقَلٍ محتمل،
عن حياة لا تسألكِ كل صباح
لماذا ما زلتِ واقفة، ولا تُجبركِ على تقديم أعذار
لأنكِ لم تسقطي بعد.
ترغبين في يومٍ لا يفتّش حقيبتكِ الداخلية،
ولا يُحصي خساراتكِ كأنها ديون.
يومٍ تمرّين فيه
امرأةً عادية دون أن تكوني ملهمة لشاعرٍ ما
أو عبرة أو درسا لأحد.
أنتِ متعبة من المرآة،
من هذا الوجه الذي يعرف أكثر مما ينبغي،
ومن العيون التي تقرأكِ خطأ
ثم تطالبكِ بالتصحيح.
تريدين ملامح لا تفاوضكِ، ولا تذكّركِ
بكل النساء اللواتي كان عليكِ أن تكونيهن
وفشلتِ بامتياز.
الأحلام الكبيرة خانتكِ،
علّمتكِ كيف تطيرين ثم سحبت الهواء فجأة.
الآن تريدين حلما قليل الأدب،
حلما لا يحترم القواعد،
يجلس على الأرض معكِ،
يدخّن، ويعترف أنه لا يعرف الطريق
لكنه لن يترككِ وحدكِ.
الوقت عندكِ ليس ساعة،
بل حيوان بريّ ينهشكِ ثم يركض،
ويعود ليعتذر بطعنة أخرى.
أنتِ لا تريدينه بطيئا، ولا سريعا،
تريدينه فقط أن يكفّ عن دفعكِ نحو نسخٍ منكِ
لم تختاريها. في داخلكِ
امرأة جامحة
لم تُربَّ جيدا،
لم تتعلّم كيف تكون مقبولة،
امرأة تريد أن تصرخ دون رسالة،
أن تبكي دون جمهور،
أن تعيش دون خطة إنقاذ.
أنتِ لا تطلبين تصفيقا، ولا تخافين العزلة،
أنتِ فقط
سئمتِ أن تكوني مشروعا،
وسيرة قابلة للتعديل، وحكايةً يُطلب منها دائما
أن تنتهي بشكلٍ لائق.
تريدين حياة لا ترفعكِ فوق كتفيها
ولا تدفعكِ تحتها،
حياة تمشي بجانبكِ وتقبل أن تكون فوضوية،
ناقصة، غير قابلة للفهم.
وإن بقيتِ، فليس لأنكِ شجاعة،
بل لأن الرحيل صار أثقل من الاحتمال.
وإن ابتسمتِ، فليس لأنكِ بخير،
بل لأنكِ أخيرا
تعلّمتِ كيف تضعين قلبكِ في مكانٍ
لا يُستعمل فيه كساحة حرب.









