مروان بن الحكم.. أخطر رجل فى دولة بنى أمية ..

مروان بن الحكم، الذى ولد فى 28 مارس عام 623م، وهو مؤسس الدولة الأموية الثانية، رغم قصر فترة حكمه، لكن يمتاز مروان بن الحكم بأنه مؤسس السلالة التي حكمت العالم الإسلامي بين عام 685 و750م، ومن ثم حكمت الأندلس بين عامي 756 و1031م. وجاء تولية مروان للخلافة، بعد وفاة معاوية بن يزيد، حيث اضطرب أمر بني أمية، وكادت دولتهم أن تذهب لولا أن تداركوا أمرهم، مما جعل عبد الله بن الزبير يعلن نفسه خليفة في مكة، وبدأت البيعة تأتيه من الأقاليم حتى من بلاد الشام مركز الأمويين، فانقسم أهلها لفريقين، وكانت من المفترض أن تنتقل الخلافة إلى “معاوية بن يزيد” الذي لم يتجاوز عمره الثمانية عشر عامًا، ولكنه كان مريضًا ضعيفًا، يغلب عليه الزهد في الدنيا والتفكر في الآخرة، فشعر أنه لا يستطيع القيام بأعباء الخلافة، فتنازل عنها، وما لبث أن تُوفِّي بعد ذلك بأيام قليلة.
قفز مروان بن الحكم بن العاص إلى السلطة على إثر اجتماع تاريخي لكبار بني أمية وأعيانهم، عقد في “الجابية” في 3 من ذي القعدة 64هـ – 22 من يونيو 684م، حيث قرروا فيه البيعة لمروان بن الحكم، وكان شيخًا كبيرًا قد تجاوز الستين، يتمتع بقسط وافر من الحكمة والذكاء وسداد الرأي و الدهاء، ويعد هو رأس “بني أمية” بالشام.
ووضع المجتمعون اتفاقًا تاريخيًا لتجنب أسباب الفتنة والشقاق، واشترطوا أن تكون ولاية الحكم لـ “خالد بن يزيد” من بعد “مروان”، ثم “عمرو بن سعيد بن العاص” وكان مروان قد سطع نجمه في عهد ابن عمه الخليفة “عثمان بن عفان” الذي قربه إليه، وجعله مساعدًا ومشيرًا له، وكان كاتبه ومديره، فلما قُتل عثمان كان مروان أول من طالب بدمه، ثم بايع “عليا بن أبي طالب”، فلما حدثت واقعة الجمل اعتزل الحياة السياسية، فلما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان ولاه على “المدينة”، وكان أقوى المرشحين لاعتلاء عرش “بني أمية” بعد وفاة معاوية بن يزيد (معاوية الثاني).هنا نال مروان بن الحكم ثمرة كفاحه بداية من طلبه دم عثمان من أصحاب الجبل وعمله مع معاوية وتحركه ضد الحسين، ليصبح أميرا للمؤمنين، وظل ينظم أمور الدولة ويرسل الجيوش للسيطرة على الحجاز والعراق ومطاردة ذيول الحزب القيسى، إضافة إلى ذلك فقد كانت هناك ثمة مسألة تؤرقه فى نقض ما عاهد عليه فى مؤتمر الجابية من استخلاف خالد بن يزيد ثم عمرو بن سعيد طمعها فى تعيين ابنيه عبد الملك وعبد العزيز لولاية عهده.
واستحكم الرجل إلى دهائه الشهير، فاستغل ترديد عمرو بن سعيد “أنا أصير يوما خليفة” أمام الناس، فصادف حضور عمرو مجالس الخلافة، فأشار مروان لأحد رجاله فقام يقول للناس “إن الناس يتمنون أمانى” ونطر لابن سعيد معرضا به نظرة المشكك فى ولائه، فاضطرب الأخير، فصاح الرجل بالحضور بايعوا عبد الملك وعبد العزيز بولاية العهد، فقاموا جميعا وبايعوا ولم يستطع عمرو أن ينطق باعتراض.
أما خالد فقد قيل لمروان “تزوج أمه فيصغر عند الناس ويهون أمره”، فتزوج مروان من أم خالد وكانت أرملة ليزيد بن معاوية، وبقى يتحين فرصة لإهانته أمام الناس ليسقطه من أنظارهم، وكانت هذه الزلة التى أهلكت مروان،
فبينما كان الخليفة فى مجلسه دخل خالد بن يزيد وهو يمشى بين صفين من الحضور، فألقى السلام على خليفته وزوج أمه فالتفت إليه وبقى يتفحصه صامتا وقد ظهرت على شفتيه ابتسامه متهكمة، أطلق ضحكة وقال “والله إنك لأحمق” واحتاج خالد لحظات ليدرك أنه أهين أمام من يفترض يوما أن يكونوا رجال دولته وأحس بالضحكات الساخرة من حوله، فانسحب إلى أمه يخبرها أمر الإهانة، استمعت إليه صامتة وقد قرأ فى عينيها إدراكها أن المسألة تتجاوز مجرد قول عابر فى لحظة سخافة، وقالت أخيرا “لا بأس عليك.. أنا أكفيك” وأردفت “ولا تخبر أحدا أنك قد حدثتنى بما جرى”.
وفى الليل وعندما عاد الخليفة إلى فراشه، قال لزوجته “أحدثك خالد بأمر اليوم؟” ابتسمت مفتلعة لامبالاة كاذبة وقالت “أنت عند خالد أكبر من يبلغنى أمرا عنك”، فعاد الرجل إلى استرخائه مغمضا عينه، بينما جلست هى إلى جواره تترقب وجه وأنفاسه، فسارت على أطراف أصابعها تستوثق أن لا أحد إلى جوار باب المخدع، وعادت إلى جوار زوجها وتناولت وسادة كبيرة وبلا أدنى قدر من التردد وضعتها على وجهه، وألقت بثقل جسدها عليه.
وهكذا كانت نهاية اخطررجل فى بنى أمية، لكنه نحج فى مراده، فبعدما هاج القصر بالخبر، اندفع عبد الملك نحو زوجه أبيه، لولا أن قال له البعض “لو قتلتها لعرف الناس أن أباك قد قتلته امرأة” فكف يده عنها وهو يكاد يحترق غيظا، وبايع الناس عبد الملك، بعدما اعتزل خالد السياسة الذى لم يكن يميل لها من الأصل واتجه للاشتغال بالعلم.









