كتاب وشعراء

ندبة في الهواء…..بقلم زاهر الأسعد ـ فلسطين

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

أنا صدى يتلمّس صوته في الفراغ
وحقيبة من صمت، ووعد مؤجَّل بلا اسم
في الحقيبة أوراق مطفأة تهمس بأسماء لا تُسمع
واسم في جيب الريح؛ علامة لا تموت

الوجوه أبواب بلا مفاتيح
كل فتح يولد فراغًا، وكل غياب أثر معلّق في الهواء
الريح تمحو خريطتها كما يمحو البحر

صوت ينسحب بلا جذر، وصدى يصعد
أصوات تبحث عن أصل ضائع؛ مفاتيح الشوارع تلد ظلالًا بلا أبواب
طعم نحاسي في فم المدينة؛ عملة قديمة تذكرني باسم مكسور
يُعيدني إلى باب محل الفضيات تحت مصباح نحاسي، حيث نطق عامر يومها باسم لم أعد أذكره
أذكر ضحكته كأنها مفتاح يفتح بابًا لا يعود

رائحة صفحة دفتر طويت، رائحة حرف لم يُكتب بعد

يمر الناس بأسماء مهشَّمة، كأوراق لا تُقرأ
خيوط الكلام تتشظّى كزجاج قديم
معطف مهمل يهمس بمعنى ضائع؛ ورقة مطوية ترفض أن تُقرأ

الحياة رق أبيض لا يُخطُّ
نقرأه بالصمت ونصدّق أن الغياب أبهى من الحضور
الصمت لغة قديمة تعلمنا كيف نصغي إلى ندوبنا

كف على صدر يفتّش عن خارطة مطموسة
مسالك مهجورة، أحلام مؤجَّلة تشبه مفاتيح بلا أبواب
القلب مدينة لم تُكتشف بعد
شوارعها نقش من ضوء وملح قديم؛ أسماء تولد بلا أهل
أبوابها مشرعة لريح رقيقة لا تعرف الرحمة

الزمن يلهث خلف صورته، كمن يلاحق ظلّه
يدور في دائرة تبتلع مساءاتها
أثر يختفي في الرمل

مقابر للخطوات
الغبار حارس والريح قاضي النسيان
وفي بعض الليالي تهمس الأرصفة بأسماء كأنها تودّع من لم يرحل
ثم تصمت كحجر بارد في يد طفل يفتقد اسمه

طفل يجلس على رصيف مبلل
يكتب اسمه بقشة على حافة ماء صغير

أنا اسم في جيب الريح

الذاكرة تناهض المحو
تتشبّث بآخر شعاع كطفل يتشبّث بحبل رفيع
تريد أن تبقى نقشًا باهتًا على جدار منسي
قصيدة تُكتب على ظهر ورقة مهترئة وتُترك للريح
تضحك أحيانًا كمن يعرف أن البقاء وهم جميل

اسم يمر كقشة في فم المدينة
كل مساء أعود إلى فسحة بلا جدران
دمشق تشرّع أبوابها للغريب وتُعطيه خبزًا من الضوء
أترك للريح أوراقي؛ أتعلم من الظلال أن الطريق في العابرين لا في الأرض

في الذين يرحلون يظل أثر أعمق من حضورهم
أثر يضيء في الظلام، جرح يبتسم في العتمة
وصمت يكتبنا

أثر معلّق
هواء يتذكّر ندبته

جيب الريح يحمل اسمًا
ندبة تلد اسمًا؛ الاسم يرحل قبل أن يُنطق، ثم يعود ليحمل ندبتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock