رقيقةٌ ……بقلم هنادي الوزير

فكرة أن يكون هُناك صبحٌ
الشمسُ لا تجدني دائمًا
وغالبًا ما أتجنبُها
كي لا تبرِز لونَ عيني !
وَ عادةً
ألوذُ بالفِرارِ كي لا تظهر الندبَةَ على خَدي
فتذكِرني بقسوةِ المرآةِ
وَ صرخات جِلدي
الشمسُ الجميلة التي تطوقُ لِتراني
فتتسربُ مِن جميعِ المنافِذ
وَ النوافِذ وَ حَزِّ الباب
وَ مِن خلفِ البرادي !
الشمسُ
حينَ تركضُ الغزلانُ
وَ حينَ تعمُّ رائحةُ التوتِ والدراق
وَ حينَ تتلألأ النِساء كالخوخِ الطازِجِ
وَ يعكس النَهرُ ضَوءهُنَّ البنفسجي
وَ حينَ تقطفُ البِلادُ ثورتها مِن عيونِ المتمردين !
الشمسُ
التي تكمُنُ في شرارَةِ الفَورةِ
وَ شرَه الجُموحِ
وَ فتيل إندلاعِ الفتيةِ المُشتعِلِ
وَ بهجة العمر الذي يبدو بأولِه
وَ يهربُ مُنتهيًا
في كلِّ طفلٍ أراها
وَ في الجِباه المُضيئة كقناديلٍ
الشمسُ
التي لا تعبثُ معنا
بل
تعلِن عن نفسِها في الكون بلا خوف
الشمسُ
الواضِحةُ كَعَينِ أبي
المُضيئةُ
كَقلبِ الغريقِ الذي كانَ يعلمُ خبرَ موتِه مُسبقًا
لكِنه أبقاه سِرًا
كي نفرح ونحيا معا
ف لا يُبكينا قَبلَ المَوعِدِ !
للطَريقِ شَمسٌ
وَأشجار تتنفسُ
وَ ذكرياتٌ وَ رِفاقٌ
للطَريقِ بدايةٌ وَ نهايةٌ ومسافات
وَ زمنٌ وَ حدائقُ خضراء
للطَريقِ بَحرٌ
وَ للبَحرِ سَجينٌ يشتاقُ إليه
وَ أنا
عِندما اشتقتُ إليكَ يا بَحري
خلعتُ خوفي
حَرّرتُ قَدمي وجرأتي السَجينة
وَ لَمستُكَ
لَمستُ برودَتِكَ وَ مِلحُكَ
فتَخلّلت مَفاصلي وَ عِظامي !
وَ باتَ الذي يجري بِجسَدي الآنَ
ليسَ دَمًا
الذي يجري في عروقي الآنَ
أنتَّ
يا بَحر
لَم أنأى بنفسي عنكَ لأني أردتُ ذلكَ !!
بلْ
لأني كنتُ أجنِبُ نفسي ضَجيجكَ
كي لا أتعلقَ بِكَ أكثَرَ
فتتشبث بي
وَ تسكُن عِظامي
وَ عِندما عَصفَت رياحُكَ بي
صدّها عِنادي
وأخمَد صَوتُكَ السَكينةَ في قلبي
فَبكَت روحي
مُكابرَةً عَزيمَتي
الحياةُ جميلةٌ
حينَ نختار أن ننامَ على رِمالِ البَرِ الآمِن
الحياةُ جميلةٌ
حينَ نَنسى خَيباتِنا
أو نفشلُ في شَرحِها !
الحياةُ جميلةٌ
بشكلٍ ما
حينَ تكسَرَنا بقسوة
لتُقوينا
الحياةُ جميلةٌ
حينَ أفتحُ شاشَتا عَينيّ
لأقبضُ على العالَمَ
وَ أرى ما لا يراه غَيري !
الناسُ
يبدونَ مُختلفين في منازِلهم
يعلمونَ أينَ يُخفي سِربُ النَملِ قوتَه للشتاءِ
يعلمونَ أينَ يبني العَنكبوتُ بيتَه
وَ يتقاسمونَ الوَجَعَ
معَ قِططِ البيتِ
وَ رُفقاءِ الروح !
في بيتي عالَمٌ
وَ في عالَمي سِربُ حمامٍ يدورُ فوقَ رأسي
وَ أعلمُ
مِن أينَ تشرِقُ الشمسُ مِن بينِ تلافيفِ رأسي
ليجذِبَ الضوءُ الحمامَ









