كتاب وشعراء

قالت لي: مَن أنتَ….بقلم عماد خالد رحمة _ برلين.

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

قالت لي: مَن أنتَ؟
قلتُ—
أنا ابنُ السؤالِ حين يخلعُ يقينَهُ
ويمشي حافيًا في مرايا المعنى.
أنا الذي إذا ناداهُ الحرفُ
لبّاهُ طائعًا،
وإذا ضاقَ البياضُ
وسّعتهُ أناملي بالنبض.
يرقصُ القلمُ بين أصابعي
كنايٍ أفاقَ من غفوته،
ويستفيقُ الإيقاعُ
كلما مسَّ الحبرُ شغافَ السطر.
أنا بلبلُ اللغة
حين تتعلّمُ الغصونُ النطق،
وزهرُ الكلام
إذا تفتّحَ على مهلٍ
وأصابَ القلوبَ بعطرٍ لا يُرى.
أنا جنّةُ المعاني
لا تُفتحُ أبوابُها إلا لمن
ألقى الهمَّ عند العتبة
ودخلَ خفيفًا كالدعاء.
أنا نورٌ
لا يتباهى بسطوعه،
لكنّهُ يهدي الظلالَ
إلى مواضعها.
أنا شمسُ المعنى—
لا لأحرقَ الكواكب،
بل لأمنحَها مداراتها،
فتدورُ بسلام
ويتعلمُ الليلُ
كيف يكونُ جميلًا.
قلتُ لها: من أنتِ؟
قالت—
أنا الصمتُ حين يفيضُ عن اللغة،
والدهشةُ الأولى
قبل أن تتعلّمَ الأشياءُ أسماءها.
أنا امرأةٌ
إذا مشتْ في الوقتِ
اختلَّ ترتيبُ الساعات،
وإذا ابتسمتْ
تأخّرَ الحزنُ عن موعده.
أنا ظلُّك الآخر
حين تتعبُ من الضوء،
ونبضُك الخفيّ
إذا خانكَ الكلام.
أنا الفكرةُ
التي لم تكتملْ بعد،
والقصيدةُ
التي تخافُ من نهايتها.
أنا المسافةُ
بين سؤالٍ وجواب،
والسرُّ الذي
كلما اقتربتَ منه
ازددتَ اتساعًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock