الأمثالُ الشَّعبيَّةُ وعائلاتُ القريةِ وما يُمَيِّزُ كلًا منها عن الأخرَى :بقلم محمد عبد اللاه

السلام عليكم
• وكان المجتمعُ القرويُّ المصري – آنذاك ومازال – يتكونُ من عائلاتٍ عديدةٍ متنوعةِ العَدَد ، والعُدَد ، وكل عائلةٍ تتجمعُ في منطقةٍ سكنيةٍ واحدةٍ مستقلةٍ عن المناطق الأخرَى تُسمَى ( البوابة ) وبها ( مَنْدَرَة ) أو ( مَضْيَفَة ) تُقامُ فيها المناسباتُ المختلفة , وتُستقبَلُ فيها ضيوفُ العائلة .
وفي هذه البوابة تعيشُ أُسَرُ هذه العائلة عيشةً منغلقةً لا يصاهرون غيرَهم ، ولا يتصاهرون معَ غيرهم إلا في الضرورات القُصوَى ؛ فلا يتزوجُ الأولادُ إلا ببناتِ عُمومتِهم أو بنات خُؤولتِهم ، ولا تتزوجُ الفتياتُ إلا بأبناء عمومتِهن ، أو بأبناءِ خؤولتِهن , وذلك حفاظًا على اسمِ العائلةِ وأرضِها وممتلكاتِها ، فلا يصحُّ – عندهم – أن يؤول جزءٌ من أراضيهم وأطيانهم وممتلكاتهم إلى غريبٍ يتحكمُ فيه بدافع الحق الشرعيّ للزوجة في الميراث ، ولا يصحُّ – عندهم – أن تختلطَ دماؤُهم الزكيةُ الطاهرةُ بدماء أخرَى لا يعلمون حقيقتها ، فيتحققُ بذلك الحفاظُ على اسمِ العائلةِ ومعدنِها وأعراضِها وأنسابِها وأنسالِها من الاختلاط بالغرباءِ ومن هم أقل شأنًا أو مكانة ، وربما يكونُ ذلك أيضًا لسهولةِ الزواجِ عندئذٍ ومرونتِهِ من حيثُ التكاليف والمصاريف والمتطلبات .
– وفي ذلك قالوا : ” غَطِّى زِيرَكْ , بَدَلْ مَا تْغَطِّى زِيرْ غِيرَكْ ” – ” آخُدِ اِبْنْ عَمِّى , وَاتْغَطَّى بْكُمِّي ” – ” آخُدِ اِبْنْ خَالِي , وَاتْغَطَّى بْشَالِي ” – ” اِبْنْ عَمِّهَا يِنَزِّلْهَا مِنْ عَ الْحُصَانْ ” – ” مَا يْعُولْ هَمَّكْ , إِلَّا اللِّى مِنْ دَمَّكْ ” – ” أَهْلَكْ لَتِهْلَكْ ” – ” سَكِّينِةِ الْأَهْلْ تَالْمِةْ ” – ” اللِّي لِيكْ لِيكْ , بَلَاشْ تَلْكِيكْ ” .
– وتربط أعضاءَ هذه العائلةِ رابطةُ الدم ؛ حيث يقفون معًا وقفةَ رجلٍ واحدٍ في كل المواقف ، ولا يتخلى بعضُهم عن بعضٍ في كل المناسبات ، ويحترم صغيرُهم كبيرَهم ، ويُطيعُهُ في كل الأمور ، ولا يتأخرُ كبيرُهم عن مساعدةِ صغيرِهم في كل الأحوال حتى تُصبِحَ العائلةُ في أفراحها وأتراحها كأنها شخصٌ واحد .
• ففي وحدة العائلة ، وما بين أعضائها من تشابه وتشابك قالوا : ” عِيلِةْ عَبْدِ الْوَاحِدْ , كُلَّهَا وَاحِدْ ” – ” المَعْرَكَةْ عِيلِةْ , وِالتَّارْ بُيُوتْ ” – ” الله يْبَارِكْ فِي الْبِيتْ , اللِّي يِطْلَعْ مِنُّهْ بِيتْ ” – ” عُمْرِ الدَّمّ مَا يِبْقَى مَيِّةْ ” .
• وفي الانتماء المتبادل بين أعضاء العائلة قالوا : ” أَهْلَكْ لَتِهْلَكْ ” – ” اللِّي لِيكْ لِيكْ بَلَاشْ تَلْكِيكْ ” – ” اللِّى مَا يْتَبِّعْ كَبِيرُةْ , يَا تَعَاتِيرُهْ ” – ” اللِّى مَا لْهُوشْ كَبِيرْ يِشْتِرِي لُهْ كَبِيرْ ” – ” الحُزْنْ وَسْطِ عْيَالِ الْعَمّ فَرْحَةْ ” – ” اللِّي مَا يْجِيبُه ْالْحِنّ يِجِيبُهْ الْعَارْ ” – ” أَنَا وَاخُويَا عَلَى اِبْنْ عَمِّي , وَانَا وِابْنْ عَمِّي عَلَى الْغَرِيبْ ” .
– وبذلك تصبح العائلةُ الواحدةُ ذاتَ لهجةٍ واحدة ، وثقافةٍ واحدة ، وفكرٍ واحد ، وملامحَ شكليةٍ واحدةٍ أو متقاربة ؛ حيث يكونُ فيها التعليمُ بالقدوة والتقليد أمرًا حتميًا ؛ فيصبح الولدُ صورةً مكررةً لأبيه أو عمه ، وتصبح البنت صورةً مكررةً لأمها أو عمتها في كل شيء من العادات والتقاليد والأعراف والمبادئ الخاصة والعامة .
• ففي تأثر الابن بأبيه في إيجابياته ، وسلبياته قالوا : ” هَاتُوا الجَّرْدَلْ وِاقْلِبُوهْ , يِطْلَعِ الْوَادْ لَابُوهْ ” – ” اِبْنِ الْوِزّ عَوَّامْ ” – ” اللِّى خَلَّفْ مَامَتْشْ ” – ” الرَّاجِلْ السَّبْعْ , يِخَلِّفْ سَبْعْ , وِالرَّاجِلْ الْكَلْبْ , يِخَلِّفْ كَلْبْ ” ، وفي كيفية تنشأته الصحيحة قالوا : ” اِبْنِي اِبْنَكْ , وَلَا تِبْنِي لِابْنَكْ ” – ” إِنْ كِبِرْ وَلَدَكْ خَاوِيهْ ” .
• وفي تأثر البنت بأمها في إيجابياتها وسلبياتها قالوا : ” اِكْفِي الْقِدْرِةْ عَلَى فُمَّهَا , تِطْلَعِ الْبِتّ لُامَّهَا ” – ” وِلَادِ الْمَلِيحَةْ فَضِيحَةْ ” – ” بِتِّ الْعَجَّانِةْ خَبَّازِةْ ” – ” بِتِّ الْحَرَّاتِةْ دَرَّاسِةْ ” _ ” بِتِّ الْخَوَّاضَةْ عَوَّامَةْ ” – ” يَا وَاخِدِ الْبِنْتْ شُوفِ الْأُمّ قَبْلِيهَا , إِنْ مَالِتِ الْبِنْتْ تِبْقَى الْأُمّ قَبْلِيهَا ” – ” شِيلِ الرَّيْحَانِةْ وْشِمِّهَا , وِخُدِ الْبِنْتْ مِنْ رِيحِةِ اُمَّهَا ” ، وفي كيفية تنشأتها الصحيحة قالوا : ” اِكْسِرْ لِلْبِتّ ضِلْعْ , يِطْلَعْ لَهَا اتْنِينْ ” – ” لَا عَاقْلَةْ وَلَا أُمَّهَا بِتْرَبِّيهَا , مِنِينِ الْأَدَبْ يِجِيهَا ” .
• وفي تأثر الأبناء بآبائهم وأمهاتهم معًا قالوا : ” أَبُوكِ الْبَصَلْ , وُأُمَّكِ التُّومْ , مِنِينْ تِجِيبِ الرِّيحَةْ الْحِلْوَةْ , يَا مَشُومْ ” .
• وفي التبادل الطبيعي والشعوري بين الجد والحفيد قالوا:” العِرْقِ يْمِدّ لْسَابِعْ جِدّ ” – ” أَغْلَى مِنِ الْوِلْدْ , وِلْدِ الْوِلْدْ ” ، ثم قالوا للجد ناصحين مرشدين : ” رَبِّي وَدْ وَلَدَكْ , وِوَدْ بِتَّكْ لَا ، وِازْرَعْ فِي مِلْكَكَ , وِمِلْكْ غِيرَكْ لَا ، وِاحْكُمْ بِطَبْعَكْ , وِطَبْعْ غِيرَكْ لَا ، وِالْمَيِّةْ تِنْزِلْ فِي الْوَاطِي , وِفِي الْعَالِي لَا ” .
• وفي تأثر البنت بعمتها وخالتها قالوا : ” اُضْرُبِ الْبِتّ عَلَى كَفِّتْهَا , تِطْلَعِ الْبِتِّ لْعَمِّتْهَا ” – ” الخَالِةْ وَالْدِةْ ” .
• وفي العلاقة التفاعلية بين الخال وابن الأخت قالوا : ” الخَالْ وَالِدْ ” – ” تِلْتِينِ الْوَادْ لِخَالُهْ ” ، ثم قالوا على لسان ابن الأخت لخاله ممازحًا : ” عِيشَكْ يِحْلَى لِي يَا خَالِي , قَالْ : مِنْ سُوءْ عِيشْتِي يَا ابْنِ اخْتِي ” .









