شهادة (أرمانوسة القبطية) بنت المقوقس وهي محصورة في بلبيس:

“حينما حاصر المسلمون الجنودَ الرّومانَ في منطقة بِلْبِيسَ، خَشِيَ النساء على أنفسهِنَّ من المسلمين، وتصورْنَ أن المسلمين مثل المجرمين الرومان، الذين يغتصبون النساء وينتهكون الأعراض، ولكن أرمانوسة بنت المقوقس طمأنتِ النِّسوة، وقالت لإحدى وصيفاتها:
“أنتِ واهمة يا مارية (وصيفتها)، أنت واهمة يا مريم! أنسيتِ أن أبي قد أهدى إلى نَبِيِّهِم بنت أنصنا – مارية القبطية – عليها السلام – فكانت عنده في مملكة، بعضها السماء، وبعضها القلب، لقد أخبرني أبي أنَّه بعث بها؛ لتكشف له عن حقيقة هذا الدين، وحقيقة هذا النبيّ، وأنَّها أنفذتْ إليه دَسِيسًا يعلمه أن هؤلاء المسلمين هم العقل الجديد الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق والباطل، وأن نَبِيَّهَمُ أَطْهَرُ منَ السحابة في سمائها، وأنهم جميعًا يَنبعثون من حدود دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتهم، وإذا سَلُّوا السيف سَلُّوه بقانون، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون”.
وقالت عنِ النساء: “لأنْ تخاف المرأة على عِفَّتِها من أبيها أقربُ من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبيِّ؛ فإنهم جميعًا في واجبات القلب وواجبات العقل، ويكاد الضمير الإسلاميّ في الرجل منهم يكون حاملاً سلاحًا يضرب صاحبه إذا هم بمخالفته”.
وقالت لها أرمانوسة أيضًا: “لقد أخبرني أبي أن هذا الدين سيندفع بأخلاقه في العالم اندفاع العُصارَةِ الحَيَّة في الشجرة الخضراء، طبيعة تعمل في طبيعة، فليس يمضي وقت غير بعيد حتى تخضر الدنيا وترمي ظلالها”.
وقد صدقت فِراسَةُ أرمانوسة؛ إذ إنَّ عمرو بن العاص أرسل أرمانوسة وجميعَ مالِها وخدمها معزَّزَةً مكرَّمة إلى أبيها المقوقس، في حراسة جند الإسلام، بقيادة قَيْسِ بن أبي العاص السَّهْمِيّ.
المصدر …..
أ. د عبدالحليم عويس، “الفتح الإسلامي لمصر”، المنار الجديد، عدد يناير سنة 1998، ص 63، وما بعدها، مصطفى صادق الرافعي، “من وحي القلم”، ص 36، وقصة “اليمامتان”، نشر مهرجان القراءة، عام 1995، مصر ، بسام العسلي، عمرو بن العاص، ص52، 53.
قصة الإسلام









