مايرحل لايغيب …..بقلم زاهر الأسعد

نمشي في الدروب ذاتها
لكن الطريق بلا ذاكرة
ولا يسمع خطانا
نسافر ولا نصل
كأن القلب يبتعد عن صاحبه
كأن المسافة لا تنتهي
وكأن الغياب يمد الطريق بلا نهاية
التقيت أناسًا
يميل إليهم الضوء
كما يميل المطر إلى أرض عطشى
يمشون بخفة
من يعرف أن الأرض أم
وأن الخطوة دعاء
كأنما يذكروننا أن الحياة ليست عبورًا فقط
بل دعاء في كل خطوة
وأن السير على الأرض عبادة خفية
كلما رأيت واحدًا منهم
تذكرتك
كأن حضورهم يفتح باب الغياب
وكأن النور الذي فيهم
يوقظ ما انطفأ منك
كأنهم يمدون يدًا من الضوء
إلى ما تركته فينا من ظلال
الغياب بحر بلا شاطئ
ضحكتك حجر يسقط في بئر السكون
فيوقظ الماء
كأنها حياة ثانية
تنبثق من صدى الصوت
وتعلّمنا أن الضحك لا يموت
رائحتك في هواء الغرف
صوتك في المقاعد الفارغة
لمستك ريح عابرة
لا تمسكها اليد
لكنها تبقي القلب يقظًا
كأنك نافذة في جدار الصمت
رحيلك جدار فقد ظله
وشمس انطفأت
إذا غادر النهار
لا تعيده الظلال
كأن العالم فقد توازنه
وكأن الضوء نفسه صار يتيمًا
كنت تصنع السعادة من فتات اللحظات
وتعلّمنا أن الضحك مقاومة
وأن اللعب أشد جدية مما نأخذه على محمل الجد
كأنك كنت تقول لنا إن الفرح أكثر جدوى من كل جد
وأن البسمة سلاح في وجه العتمة
لكن لماذا لم تنقذ نفسك كما أنقذت قلوبنا
ولماذا تركتنا نحمل غيابك كقنديل يرتجف في يد باردة
كأنك اخترت أن تكون درسًا في الفقد
نورًا يولد من ارتجاف اليد
كأنك أردت أن تقول لنا إن الهشاشة طريق إلى القوة
هناك أناس يكتبون في أرواحنا ما يبقى
يمسكون بنا بخيط خفي قبل أن نسقط
كأنهم يعلموننا أن النجاة ليست دائمًا بأيدينا
بل في يد أخرى تمتد إلينا
ليتنا نصل إليهم قبل أن تنطفئ قناديلهم
قبل أن يغادروا
وتترك مقاعدهم فراغًا يشبه درسًا لم نفهمه بعد
كأن الغياب امتحان لا ينتهي
وكأن الحضور فرصة لا تتكرر
القطارات تمضي
لكن الوجوه لا تتكرر
ولا تنسى
كأنها محطات في القلب لا في الطريق
كنت الضوء
والضحك حين يضيق بنا العالم
نافذة في جدار الليل
كأنك كنت تقول لنا إن الليل لا يكتمل بلا نافذة
ولا يكتمل الإنسان بلا ضحكة
ما يرحل لا يغيب
بل يسكننا كوميض في العتمة
عامر
الاسم الذي صار معنى
والغياب الذي صار حضورًا
بداية تختبئ في النهاية
ونهاية تفتح أبواب البدايات
سر يسكننا
حلم يكتب على الماء
ظل يضيء العتمة
نور لا يفسر
وجود لا يحد
زاهر الأسعد -فلسطين









