عِندما تُخاتِلُ الأَحلامُ… جورج عازار/ سوريا

قالت:
غداً يَنتهي العَامُ
ومن التَّقويمِ آخرَ الأوراقِ ننتزِعُ
ومِثلَ الفينيقِ
كُلُّ الآمالِ سَوفَ تَنبعِثُ
والدُّموعُ إلى الوادي القَصِيِّ
ستَغيضُ وتنحَسِرُ
و في الأرجاءِ
لَيالي الأفراحِ سَتطولُ
وأشجار زَيتونٍ باسِقاتٍ
تلكَ البَيداءُ سَتَصيرُ
والشَّمسُ للوَجهِ القادمِ سَتبتسمُ
ومن جديدٍ سوفَ يَضحَكُ
لنا القَمرُ
كُلُّ الأحزانِ
ستُلَملمُ حَقائبَها
وإلى غَيرِ رَجعةٍ سَترحَلُ
والأحلامُ كُلَّ النواقيسِ سَتقرَعُ
وخلفَ الأبوابِ
وعندَ الأشجارِ
أرتالُ الهَدايا ستَنتَظِرُ
♦️♦️♦️
قال:
نَشرَبُ أنخابَ سِنينِ العُمرِ
الَّتي تَرحَلُ
وفي الفَضاءاتِ تَنداحُ وتَتوهُ
ثم تَحتَرِقُ
والأمنياتُ في كُلِّ السِّنينِ
تَعِدُ وتَخلِفُ
ونحن بالقُشورِ الهَزيلةِ
نتَمَسَّكُ
وللمكائِدِ بِكُلِّ يُسرِ نَنقَادُ
والأحلامُ خُدعةُ مُورفينٍ سَمِجَةٌ
في العُروقِ تَتَغلغَلُ
ومِثل بَبَّغاءٍ عَجوزٍ
الحكايةُ ذاتها كُلَّ مَرةً نُكرِّرُ
يَحارُ المَرءُ
إن كانت الآمالُ عَلينا تَحتَالُ
أم نَحنُ لأنفسنِا نَستغفِلُ
نَشرَبُ أنخابَ خَيباتِنا
ونَحسَبُ الخُلودَ على مَقرُبةٍ
مِن أرواحِنا سَوفَ يَمرُ
وفي اليومِ المَوعودِ
ومن غير أن نُهيّيءَ حَقائبَ السَّفرِ
رُغماً عنَّا نَرحلُ
ما عُدنا نَعلمُ
إنْ كانَ العَيبُ فينا
أم إنَّ الزَّمانَ لإرادتِنا يُهشِّمُ
غداً يُطوى الكِتابُ
وأثراً بعد عَينٍ نَصيرُ
وستُرَفرِفُ بَيارقُ ذِكرى
من مَروا
ومن رَحلوا
ولا يَبقى من الأنَامِ
إلا ما قَد قَالوا
وما قَد فَعلوا
وصوت الهوامش
في البَعيدِ
رويداً رويداً يَضمَحِلُّ ويَخفِتُ
“سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ.
سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ.
لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا.”
رُبَّما تَضيَقُ الخياراتُ
والأعاصيرُ على مَقرُبَةٍ تَثورُ وتَهيجُ
ولكنَّنَا سَنبقَى
على الصَّخرِ الصَّلدِ نَبني بُيوتَنا
وَنتركُ القيعانَ
لمن ارتَضى بين الوحُولِ
يُشيِّدُ
وحتَّى يَنطفئَ فتيلُ الشَّمعةِ
يَمكُثُ هناك ويَعيشُ
هنيئاً للصَّدَى الَّذي بينَ الذَاكرةِ
طَويلاً يَبقَى يَحُومُ
لا ريحٌ تبدِّدُهُ
ولاسَيفٌ يردَعُهُ
ولا نوائِبُ الدَّهرِتَقهَرُهُ
وبين الأرواحِ يهجعُ
ويَبقى هُناك دَوماً
يَخفِقُ ويَختلِجُ
بقلمي: جورج عازار
اللوحة للفنان التشكيلي السوري المبدع :يعقوب اسحق









