ساعات الصبر …… بقلم // ضحى الخزامى // سورية

ساعات الصبر
هذيان تحت الأنقاض
طفل وأمه
أمي: لأول مرة تنامين قبل أن تروي لي
حكايا ما قبل النوم
…
الفصل الأخير
تسرب الدفء إلى باطن الأرض
الأطراف باردة
أمي: كم أنتِ حنونة
تنام الأرض ملء جفونها بدفءِ جسدكِ
…
حوارٌ مع الموت
لذيذ الذكريات
الهذيان الأخير
أمي: لطالما وعدتني ألا يغمض لكِ جفن – إلا وأنا بين ذراعيكِ أغفو
أما زلتِ على العهد
…
طفولةٌ قاسية
من الحروب إلى الزلازل
أحضان اليباب مفتوحة
أمي: لا تحزني، هناك خيمةٌ بانتظارِنا
هناك لنا خيمة
…
زنبقة سوداء
تبرعتْ بعبيرها
لأطفال الزلزال
أمي: خلعَ الورد أثوابه
وارتدى لون الحداد
…
معالم الإنسانية
داخل كل قلب
بذور الرحمة
أمي: استيقظي
لقد تبرع العالم لنا بمشاعره
…
بانوراما الحزن
جربوا كل انواع الموت
اللاجؤون السوريون
أمي: لا تخافي ، لسنا وحدنا
إنها مقبرة جماعية
…
هسيسُ الحنين
ينخرُ المسافات
على الشرفة- ظلّتْ أزهار أمي!
أمي: من سيسقي الورد
ومن سيغني” عمي يا بياع الورد – گلي الورد بيش گلي؟!
…
تروي السماء بقطرها
قلوب الورد
يا سماء جودي بقطر الندى وبدمعكٍ
مُكبّلةٌ تحت الأنقاض
جفَّتْ أوصالُ زهرتي
…
أديمُ ليل
يحجبُ نور القمر
آلامٍ سافرة
أمي: لِمَ اعتذر القمر عن الحضور؟
آهٍ .. لو أن للركامِ شُرفة يطل منها القمر!
…
خسف القمر
ردماً
بات فراش الأطفال الوثير
آهٍ يا صغيري: كتب القمر في مُذكراته
” جدران الردم تمنعني من مُداعبة أحلام الصغار”
…
فوق الأنقاض
أُصص الورد
حديث الشرفات
أمي: بصوت ربة المنزل – يغني – ببغاء تدلى بقصٍ على الأطلال
” يا ورد مين يشتريك”
…
في خدر المنايا
تتشظى الأحلام
بعيون الموت- أرى وطني
أمي: تلوَّنَ الدُجى بأضواء سيارات الإسعاف
قوافل الجنائز – على بابِ الهوى تقفِ!
…
على الحدودِ
تتجاذبُ الجثامينُ
أطراف الحديث
أمي: ناحتْ انطاليا فاجعة جندريرس، وبكتْ سرمدا كهرمان مرعش
على الخدّين لطمتْ حلب- مُصابنا واحد
…
حبلُ سرّي
بمديةٍ حجرية قُطِعَ
مخاضٌ تحت الأنقاض
بُني: مازال رحم الأرض يُنجبُ أجنة الأمل
حياة بعد موت
…
على الجدران
تراشقتْ دماؤه
قرنفلٌ بلون الحب
أمي: أيُّ فاجعةٍ
حلّتْ بربيعِ الورد
…
صدى الأنين
أوبرا تحت الأنقاض
تعلو وتخفتْ ثم تضمحلُ
أمي: أما زلتِ تسمعيني؟
غادرَ أنينكِ مسمعي، عساه خير؟
…
بصوتٍ خافت
” يُغالبني النعاسُ ويسرقُ صدى أنيني
ملاك أبيض بجناحين”
نم يا صغيري
نم طويلاً- قرير العين
…
شوقٌ للسلامة
بين أخر اللحظات
هواجس مبعثرة
أمي: خيط رفيع يتلاشى
الأمل يُحتضر
…
براءة الملامح
مُكللةٌ بالركامِ
ايماءات عتب
أيها العالم- لقد رحلتْ أمي في وقتٍ مبكر
ما حاجتي بعالمٍ بلا أم؟!
…
خوذٌ بيضاء
تنتشل الأنين
أطفالٌ على قيدِ الألم
أمي: أعدكِ سنبقى معاً ولن يفرقنا الموت
فقط- يدي أمسكي!
…