فراج إسماعيل يكتب :السؤال المحرم قبل يومين فقط

السؤال المحرم قبل يومين فقط: هل يسقط أردوغان بإنقلاب الجيش عليه تحت وطأة المظاهرات؟!
بي بي سي الناطقة بالانجليزية والتركية قالت إن عدد المتظاهرين في اسطنبول، العاصمة الاقتصادية، وأكبر مدينة تركية (16 مليون نسمة) ليس بالحجم المؤثر.
بالأحرى هي مظاهرات سوشيال ميديا.. كثير من الفيديوهات ملعوب فيها بالذكاء الاصطناعي، وبعضها قديمة حدثت في دول أخرى.
أزمة احتجاز أكرم إمام أوغلو، هي قضائية بحتة، خيوطها ملمومة بدقة، فيديوهات الاختلاس ورشى المناقصات شواهد إثبات. الإدعاء العام لم يأمر بالقبض عليه و99 آخرين إلا بعد توفر الأدلة كاملة بدون ثغرات قانونية.
أما لماذا تحركت جامعة اسطنبول مؤخرا وبعد عدة سنوات من حصوله على شهادة إدارة الأعمال منها؟..
هذا يخص الجامعة التي تجري مراجعات سنوية للقادمين من الجامعات الخاصة الخارجية، سيما أنه يمكن التلاعب في الشهادات المقدمة لها. ذلك يحدث حتى عندنا في مصر. بالفعل مجموع درجات أوغلو لم يكن يؤهله لكلية إدارة الأعمال في السنة التي حصل عليها. لجأ إلى كوبري، عبر الالتحاق بجامعة خاصة في قبرص التركية، وهو الجزء المنفصل من قبرص ويسكنه القبارصة الأتراك.
لا شك أنه تم له ذلك برشى وعمولات لأطراف داخل الجامعة نفسها.. مؤكد أن الموضوع لن ينتهي بإلغاء شهادته، فهناك تحقيقات داخلية تجري، وسترفع للنيابة العامة ولن يتم الإكتفاء بإلغاء الشهادة.
أما مظاهرات الطلبة فهي أيديولوجية بحتة. في الواقع نسبة لا يستهان بها من الأتراك يميلون للعلمانية. إضافة إلى أن أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول وهو ثاني أهم منصب بعد الرئيس، يتمتع بكاريزما اجتماعية، وشخص خفيف الدم يشتهر بالنكات، ويزور المساجد ويرمم ما يحتاج منها إلى ترميم، أي أنه برغم انتمائه إلى حزب الشعب الجمهوري العلماني، يقدم نفسه على أساس العلمانية السياسية فقط.. تقريبا يشبه منهج أردوغان المتدين.
يواجه أكرم إمام أوغلو تهما صعبة لن يكون في مقدور طيب أردوغان التهاون معها في ظل الضغوط الإعلامية الداخلية والغربية التي يتعرض لها. كل الخيوط في يد القضاء.. والتهم التي يحقق معه حولها حاليا هي: 1. زعيم لمنظمة ارهابية تُسمى بـ “التجديد الحضري”
2. عضو وداعم لمنظمة ارهابية. “بي كاكا و DHPKJ”
3. الفساد
4. الرشوة
5. الاحتيال
6. الحصول على بيانات شخصية بشكل غير قانوني
7. التزوير في المناقصات التابعة للبلدية.
أردوغان لن يخرج من الأزمة بدهائه المعروف فقط.. هناك جملة من العوامل التي تجعله الطرف الأقوى أمام مظاهرات الشارع التي وصفها اليوم (الجمعة) بإرهاب الشارع. العامل الأهم أن أوغلو فشل في إدارة بلدية اسطنبول التي تدهورت كثيرا وأصبحت مقلب زبالة كبيرا على العكس من إدارة حزب العدالة والتنمية لها، وتحولت إلى مجرد واجهات لإعلانات تمجد في أوغلو.
والعامل الثاني أن تهديد زعيم حزب الشعب بتحويل نشاط الحزب من المباني والقاعات إلى المظاهرات والاحتجاجات في الشارع. أمر يجرمه القانون التركي لأنها مظاهرات ضد إجراءات قضائية جارية وهذا ما تناوله وزير العدل على منصة X.
ينظر أردوغان حاليا إلى الأزمة بأنها صراع بين قوى فساد تلبس رداء السياسة وبين الجهاز القضائي المستقل. وقال لحلفائه الغربيين إن الدستور يمنعه من التدخل. لن يستغرق الأمر طويلا. تراجع الأسهم وهبوط العملة المحلية لن يكون ضاغطا عليه لأن الديمقراطيات والاقتصاديات المفتوحة تتأثر بأي اضطرابات، وسرعان ما تسترد عافيتها كما حدث في مرات سابقة.