فيس وتويتر

فراج إسماعيل يكتب :انتخاب البابا الجديد

انتخاب البابا الجديد خلفا للراحل فرانسيس ليست عملية دينية فحسب تقتصر على كاثوليك العالم (1.4 مليار).. لكنها عملية ذات أبعاد سياسية وتبشيرية موزعة على مناطق نفوذ ينتمي إليها الكرادلة في المجمع المقدس.
منذ 12 قرنا لم ينتخب بابا من آسيا. مضى زمن أطول منذ انتخب بابا من أصول أفريقية. الآن قد تكون الفرصة مواتية لانتخاب بابا قادم من عائلة صينية الداخلة في صراع اقتصادي عنيف مع الولايات المتحدة.. أو بابا من غانا حيث نجح التبشير في السنوات الأخيرة في كسب كاثوليك جدد بأعداد متزايدة في قارة أفريقيا.
الكاردينال لويس تاجل من الفلبين وله جذور صينية، والكاردينال بيتر توركسون من غانا هما أبرز المرشحين لمنصب البابا المقبل لتناقص عدد الكرادلة من أوربا وأمريكا اللاتينية، وتراجع عدد الكاثوليك في الولايات المتحدة.
قبل اثني عشر عامًا، أصبح فرانسيس أول بابا من أمريكا اللاتينية.. لكن عدم اهتمامه بالتبشير أدى إلى خروج بعض الكاثوليك في أمريكا اللاتينية وبالتحديد موطنه الأرجنتين الذي لم يزره إطلاقا خلال توليه البابوية.
تاجلي، ابن عائلة ثرية من الفلبين والصين، ينحدر من منطقة تُعتبر بوابةً للصين، حيث تسعى الكنيسة جاهدةً للتوسع.
أما توركسون، القادم من عائلة مكونة من عشرة أطفال في غرب غانا، فينحدر من منطقة تشهد بالفعل ارتفاعًا هائلًا في عدد الكاثوليك مقابل الديانات والعقائد الأخرى بسبب الأنشطة التبشيرية للكنائس الكاثوليكية.
أدى التبشير إلى نمو السريع للكنيسة الكاثوليكية في آسيا وأفريقيا. في المقابل هناك نقص في الكهنة في الولايات المتحدة مما دفع الكنيسة إلى إرسال عدد متزايد من الكهنة من تلك المناطق إلى الولايات المتحدة.
يتزايد حضور الكهنة الأفارقة بشكل ملحوظ في نبراسكا ونيو مكسيكو وتكساس وكولورادو. وتشهد ولايتا ماساتشوستس وكاليفورنيا عددًا أكبر من الكهنة الآسيويين.
مسح أجراه معهد أبحاث الأديان العامة (PRRI) عام 2023 يؤكد أن 20% من الأمريكيين كاثوليك. هذا يمثل انخفاضًا حادًا مقارنة بعام 2008، عندما كان حوالي واحد من كل أربعة أمريكيين يعتبرون أنفسهم من الكاثوليك الرومان.
يُعرّف حوالي 12% من سكان الولايات المتحدة أنفسهم ككاثوليك بيض، و8% ككاثوليك من أصل إسباني. يقول روبرت ب. جونز، رئيس ومؤسس معهد البحوث الكاثوليكي (PRRI)، بأن كلا الشعبين منقسمان سياسيًا، وأحيانًا لاهوتيًا.
ستكون مهمة البابا الجديد شاقة على الصعيد السياسي الديني. لا يمكن فصل الدين عن السياسة خصوصا في الولايات المتحدة التي يحكم البيت الأبيض في الوقت الراهن متعصبون دينيون على رأسهم الرئيس ترامب.
عملت الحركة الخمسينية الكاريزمية في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة على جذب اللاتينيين بعيدًا عن الكنيسة الكاثوليكية، في حين أن اللاتينيين الأصغر سنًا يتركون الدين تمامًا.
لن يتردد البابا القادم خصوصا إذا كان أفريقياً أو آسيوياً على زيادة أنشطة التبشير لزيادة أعداد الكاثوليك.. لكن سيكون مطالبا بالحكمة والتأني، فالمناطق الأفريقية والآسيوية تضم حركات ومنظمات دينية مناوئة ستقاوم التبشير ولو بالعنف.
لكن قد يجد أن المسار الأسهل هو التركيز على جذب الإنجيليين. في دوائر الفاتيكان يعتقدون أن أكبر إخفاقات البابا التقدمي فرنسيس أنه لم يركز على التبشير وأنه كان أكثر تسامحاً أمام التحول الديني والعقائدي للكاثوليك.
كان الهدف الرئيس لانتخاب فرنسيس عام 2013 رغم كبر سنه، وقف تراجع أعداد الكاثوليك في أميركا اللاتينية، لكن العضوية هناك انخفضت بنسبة تتراوح بين 7 و8 % خلال فترة ولايته.
نسبة المسلمين في غانا 15.8% نحو 4 ملايين تقريبا من مجمل السكان، نحو 27.5 مليون نسمة. وعدد المسيحيين نحو 75% منهم 10% كاثوليك.
أفريقيا هي ثاني قارات العالم بعد آسيا في عدد المسلمين، 53.7% (حوالي581.58 مليون) من مجمل عدد السكان، في حين أن قارة آسيا تضم (1.39) مليار مسلم يمثلون 32 % من سكانها .
في المقابل تشهد أعداد المسيحيين زيادة حادة في القارة الأفريقية، فقد صاروا النسبة الأكثر قليلا من نصف عدد السكان في نيجيريا، لكنهم بروتيستانت، أما الكونغو الديمقراطية التي تصل نسبتهم 95% فالأغلبية كاثوليك. والكاثوليك أيضا هم أكثر المسيحيين الذين يشكلون غالبية سكان رواندا وموزمبيق وبوروندي وجنوب السودان وبنين وجزر الكاناري ولاربونيون وغينيا الاستوائية وكاب فيردي وجيبرالتار وسيشيل، وساوتومي وبرنسيبي وماديرا.
وفي دول أفريقية أخرى يشكل الكاثوليك النسبة الغالبة من المسيحيين الذين يشكلون النسبة الأقل في عدد السكان وهي السنغال ومالي وغينيا وغينيا بيساو وجامبيا وميليبيا وجيبوتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى