قوة المعرفة…..بقلم ربا رباعي الاردن

في عالم يتسارع بخطى التكنولوجيا ويتغيّر فيه كل شيء بسرعة، تبقى القراءة وسيلة راسخة لاكتساب الوعي وتشكيل الفكر. إنها المفتاح الذي نلج به أبواب العقول، والممر الذي نعبر من خلاله إلى حضارات مختلفة وتجارب إنسانية لا تُحصى. ليست القراءة مجرد هواية أو وسيلة لتمضية الوقت، بل هي فعلٌ يصنع الإنسان ويؤهّله ليكون عنصرًا فعّالًا في بناء مجتمعه.
الكتب ليست كلمات مجمّعة على صفحات، بل هي تجسيد لفكر الإنسان، ومرآة تعكس عقله وروحه. هي ذاكرة الإنسانية، ومحرّك الحضارات، ووسيلة للتعبير والتوثيق والتطوير. ومن يقرأ، لا يكتفي بالعيش في عالمه فحسب، بل يعيش عوالم الآخرين، ويكتسب من تجاربهم، ويطوّر رؤيته للحياة.
تتنوع مجالات الكتب بتنوع ميول الناس وحاجاتهم. فمنها ما يغذي العقل بالمعلومة، كالمؤلفات العلمية، ومنها ما يلامس المشاعر، كالروايات والشعر، ومنها ما ينير السلوك، كالدينية والتربوية. كل نوع له رسالته، وكل كتاب يحمل هدفًا، وما على القارئ إلا أن يجد ضالّته، ويترك للقراءة أن تغيّر فيه شيئًا.
قراءة الكتب تفتح أمامنا نوافذ جديدة، وتمنحنا القدرة على التعبير، وعلى فهم أنفسنا والعالم من حولنا. تعزز مهارات التواصل والتفكير النقدي، وتُسهم في تشكيل شخصية متّزنة تمتلك القدرة على اتخاذ القرار بثقة ووعي.
ورغم التحول الرقمي، وظهور البدائل الحديثة، فإن روح الكتاب لا تزال حاضرة. سواء في نسخته الورقية أو الرقمية، يظل الكتاب مصدرًا أصيلًا لاكتساب المعرفة. المهم أن نقرأ، وأن نُدرك أن القراءة ليست ترفًا، بل حاجة.
في النهاية، لا تُبنى الأمم بالأمنيات، بل بالوعي والعلم، والقراءة هي أول الطريق. فكل صفحة نقرؤها، هي خطوة نحو المستقبل، وكل فكرة نتأملها، قد تكون بذرة لتغيير كبير. فلنقرأ، لا لنملأ أوقاتنا، بل لنصنع بها أنفسنا.