إبراهيم نوار يكتب :الوضع على الأرض في غزة

أسقطت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة، في اللحظة التي استعادت فيها العدد المتفق عليه من المحتجزين. وجاءت هذه الخطوة للتهرب من تنفيذ ما التزمت به في الاتفاق بشأن بدء مفاوضات جادة للانسحاب وإنهاء الحرب.
ولا شك أن أي عاقل لا بد أن يضع في اعتباره ضرورة التحوط من تكرار ذلك بعد أن تتسلم دفعة جديدة من المحتجزين. ويجري الحوار بشأن استئناف المفاوضات بينما تشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق لاحتلال قطاع غزة، وتدمير البنية الأساسية الإنسانية (المستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة التي تديرها الأمم المتحدة) وقتل السكان وتجويعهم حتى الموت وتهجيرهم.
طبقا لآخر المعطيات فإن إسرائيل أصدرت أوامر استدعاء ما يقرب من نصف مليون شخص من قوات الاحتياط للانضمام الى الفرق العسكرية الخمس، التي بدأت العمل في غزة من الشمال إلى الجنوب اعتبارا من 18 مارس الماضي. إسرائيل لم تحشد في تاريخها مثل هذه القوة بعددها وعتادها في جبهة واحدة من جبهات الحرب. ويعتبر نتنياهو أن تصفية غزة نهائيا، وليس حماس فقط، هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للحكومة الحالية، وكل أنصار الصهيونية الدينية المتطرفة المؤيدين لها في العالم. وهو يعتقد أن تأثير أي مكاسب عسكرية حققها في جنوب لبنان وفي سوريا، يمكن أن يتلاشى طالما استمر صمود المقاومة في غزة، وأن خطة الاستيطان والسيطرة على الضفة الغربية سوف تواجه مقاومة شرسة، ويمكن أن تفشل بسبب الصمود الفلسطيني.
وتتضمن الخطة المركبة التي يتبناها نتنياهو في غزة ثلاثة عناصر رئيسية: الأول هو اجتياح غزة بالحد الأقصى من القوة النيرانية المتاحة. الثاني هو تدمير البنية الأساسية الإنسانية تدميرا كاملا بحيث يصبح قطاع غزة بأكمله منطقة غير قابلة للحياة أو السكن. وعندما ارتفعت أصوات الإدانة ضده في العالم بسبب حرب التجويع وحرمان الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية منذ 2 مارس الماضي، فإنه قرر نقل مسؤولية توزيع الأغذية الى الجيش الإسرائيلي، بحيث تتوافق المهمة مع أهداف الحرب وتكون جزءا منها. أما العنصر الثالث فهو التهجير وإخلاء غزة من أهلها، من الشمال الى الجنوب، بإصدار الأوامر للسكان بالفرار جنوبا، ثم جنوبا، ثم جنوبا. وهو الآن يطلب ممن انتقلوا الى الجنوب بالفرار إلى جيب صغير في جنوب غرب رفح. بالقطع يسعى نتنياهو إلى خلق كارثة إنسانية على حدود مصر مع قطاع غزة، ولا يعنيه كيف تتصرف مصر.