إبراهيم نوار يكتب :إنها حرب وجود أو فناء

العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت أمس بضرب منشآت نووية إيرانية قد تتحول إلى حرب وجود .. حياة أو موت. بالنسبة للنظام الإيراني فإنها حرب وجود، خصوصا بعد الكلمة التي وجهها نتنياهو مساء أمس الى الشعب الإيراني طالبا منه الثورة على نظام “الجمهورية الإسلامية”. هدف اسرائيل الأساسي هو تغيير انظمة المنكقة كلها لتصبح على هواها، ومحاولة تغيير النظام regime change في ايران ما هي إلا مقدمة. وبالنسبة لإسرائيل فإنها أيضا حرب وجود لأن صمود إيران يعني سقوط إسرائيل، فهي لا تستطيع خوض حرب طويلة الأجل، ولا تستطيع خوض حرب حقيقية على جبهات متعددة. إسرائيل كانت تتغنى بأنها تحارب على 7 جبهات، والآن فقط جاءت الفرصة حتى تذوق مرارة الحرب وتكلفتها، بينما كل قواتها البرية تقريبا موحولة في غزة. الآن فقط جاءت الفرصة لكي تنهض بعض الجبهات الأخرى التي يمكنها النهوض، لتضع النظام الصهيوني الاستعماري أمام اختبار الحياة أو الموت، ومساعدة يهود العالم على فهم الطبيعة الوحشية للصهيونية النازية، وحتمية التعايش السلمي بين أصحاب كل الديانات والقوميات. إيران تضع نظام نتنياهو والصهيونية الدينية الفاشية العنصرية، وهذا وقت يجب ان تتحرك فيه كافة الجبهات الأخرى من أجل توفير شروط الأمن والسلام لكل شعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، مع إعادة التأكيد على خيار التعايش العربي – اليهودي.
وعلى الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي فإن إرادة المقاومة يمكنها قهر ذلك التفوق ودفنه في مستنقع حرب طويلة المدى. مثل هذه الحروب ليست جديدة على إيران، التي خاضت من قبل حربا امتدت لثماني سنوات ضد العراق انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار قبله الإمام الخميني على مضص.
إسرائيل بدأت عمليتها العسكرية بضربات سريعة قوية متعددة المستويات، تشمل عمليات صغيرة متفرقة مثل اغتيال قيادات عسكرية وعلمية، إلى عمليات استراتجية دقيقة مثل ضرب جزء من مجمع نطانز لتخصيب المواد النووية. لكن العملية عندما تتحول إلى حرب فإنها تدار بقواعد تختلف عن قواعد إدارة العملية. الان يتعرض الطرفان، إيران وإسرائيل لاختبار وجودي. ومن الصعب كتابة نهاية هذا الاختبار في الوقت الراهن. وأظن ان الحرب ستقول عما كانت تعتقد دوائر الحرب الإسرائيلية.
طول مدة الحرب قد يغري إسرائيل بالتوسع في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، الامر الذي من المحتم ان يسفر عن تسربات إشعاعية تهدد الدول المجاورة حسب اتجاهات تيارات الرياح. ورغم ذلك فإن بعض الدول العربية قد تبتهج لضرب المنشآت النووية الإيرانية. هذه الدول عليها ان تراجع مواقفها، لأنها سوف تتعرض لمخاطر إشعاعية تترك تاثيرها على المنطقة للأجيال قادمة. أما من الناحية الاستراتيجية فإن خسارة القدرات النووية الإيرانية ينهي أي امل في إخلاء المنطقة بأكملها، بما فيها إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل. كما أنه يقضي على حلم اي دولة عربية، مثل السعودية في تطوير قدرات لتخصيب اليورانيوم محليا. ويؤدي ذلك في نهاية الامر لإخضاع المنطقة كلها لمبدأ الردع النووي الشامل بواسطة إسرائيل.
إسرائيل تريد ان تبقى هي القوة النووية الوحيدة في المنطقة، تهدد وتأمر وتنهي. اسرائيل تريد ان تبقى القوة العسكرية الأشد تفوقا من الناحية النوعية على كل جيرانها. ومن ثم فليس في مصلحة الدول العربية فتح أجوائها لمرور الطائرات والصواريخ الإسرائيلية. وليس في مصلحتها التعاون مع أطراف أخرى تشارك في الدفاع عن إسرائيل وتمكينها من مواصلة الحرب على إيران.
يجب ان تعلن كافة الدول العربية المشاركة في شبكة نظام الدفاع الجوي الإقليمي الذي تديره الولايات المتحدة من خلال القيادة العسكرية الوسطى تجميد كافة الأنشطة التي تقوم بها القيادة الوسطى الأمريكية التي تعمل الآن مباشرة في مساندة إسرائيل معلوماتيا وعملياتيا. يجب على الدول العربية المشاركة في نظام الدفاعي الجوي الإقليمي تجميد كافة الأنشطة في القواعد الجوية الأمريكية على أراضيها، فهذه القواعد لا تعمل في مصلحة الدول العربية وإنما تعمل بمئة في المئة من طاقتها في مصلحة اسرائيل.