فيس وتويتر

حسام السيسي يكتب :بين الاشتباك الإيراني الإسرائيلي… والغياب العربي عن مشهد القرار

في خضم التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، يتكشف مرة أخرى خلل عميق في بنية الفعل العربي، سياسيًا وجيوستراتيجيًا. ليس الحديث هنا عن “الحياد” ولا عن “الانحياز”، بل عن الغياب شبه الكامل عن خريطة التأثير، وكأن ما يجري يحدث على كوكب آخر لا تمسُّ تداعياته جسد هذه المنطقة المنهَكة.
إسرائيل وإيران تخوضان صراعًا معقّدًا، يمتد من حدود الجولان إلى أعماق الخليج، مرورًا بسماء سوريا والعراق واليمن ولبنان. أما الدول العربية، فلا تظهر إلا كفراغات جغرافية تُستخدم للعبور، أو كنقاط تماس مُحتملة لأزمات لم تُصنع فيها ولا لصالحها.
المفارقة الصادمة أن هذا التصعيد لم يُنتج فقط فراغًا عربيًا في المشهد الإقليمي، بل تسبّب أيضًا في إزاحة الأنظار عن الجرح الأكثر إيلامًا: غزة.
غزة، التي ما زالت تحت القصف، والتي لم تجفّ دماء أطفالها، وجدت نفسها خارج التغطية، بعدما اختار الإعلام الدولي تحويل الكاميرا إلى “الحدث الأكبر”، أي معركة النفوذ بين تل أبيب وطهران.
هل توقفت المجازر؟
هل تنفّس المدنيون في رفح الصعداء؟
هل فُكّ الحصار؟
الإجابة: لا.
لكن حسابات الأولويات لدى القوى الكبرى لا تحتمل وجعًا إنسانيًا طويل الأمد. ومع غياب العرب عن معادلة الضغط، وعن أية قدرة على فرض الرؤية أو التأثير، بات من السهل تجاوز فلسطين، وتقديمها مرة أخرى كـ”قضية مؤجّلة”، تنتظر موسمًا آخر من الغضب المنضبط.
العالم يعيد رسم توازناته، ويصوغ تحالفاته، ويستعرض قوته. بينما العرب، باستثناء بعض الأصوات الرمزية، يكتفون بالمراقبة.
لا حلف، لا ردع، لا مبادرة.
فقط حضور باهت في مشهد يتطلب الفعل لا البيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى