رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب : الهوية الخائفة

ـــــــــ هذه فضيحة تناقضاتي: إنني معكم وضدكم * أنطونيو غرامشي.
مهما كانت الحرب اليوم وغداً وما تركت من آثار مؤذية ، فلن تسمع من مسؤول إيراني عبارة” الشيعة في خطر” أو حرب على الشيعة” كما نسمعه في العراق من أصحاب الهويات الضيقة والمغلقة الذين اعتقلوا الطائفة في اطار مغلق وفي دورة استعادة طقوسية مكررة.
لا تريد جماعات ان تغادر رهاب التاريخ حتى لو كانت في قمة السلطة وتستدعي ذاكرة الماضي في ظروف مختلفة وهذه خاصية أخرى للهويات المأزومة.
الفارق كبير بين الاعتزاز الطائفي المفتوح على الآخرين وبين التعصب الطائفي المغلق الذي يرى فيهم أعداءاً بسبب الاختلاف وهذا الصنف يكون الحوار معه كالحوار مع ثور في محل للزجاج ومحاولة اقناعه ان الموسيقي أفضل من النطح بالقرون.
يتناغم الخطاب الايراني السياسي مع العمل العسكري في نسيج موحد كسبيكة الذهب ويكمل أحدهما الآخر،
يعمل العمل المسلح على تعزيز موقف السياسي والدبلوماسي، وبالعكس يعمل السياسي على التمسك بشروطه في الحرب والسلام. هذا عمل مؤسسات متماسكة متينة منسجمة تعمل بالتنسيق وتبادل الأدوار.
أما الزعيق المذعور عن الشيعة في خطر كدخول فرخ دجاج المدينة صارخا لان ورقة شجرة سقطت على الارض وتصور ان السماء اطبقت على الارض، وصبغ كل حدث بلون شيعي ورمز شيعي وراية ومناحة شيعية ، يقلص ويخفض من نظرة أوسع وأشمل لتاريخ مشرف وعميق، ولا يصل الى عمق الخطاب الايراني الوطني والاسلامي والانساني والقانون.
لو انفجرت عجلة دراجة نارية في الشارع أو إنطفأت الأضواء في سينما أو انفجار قنينة غاز أو حتى بالون طفل، سوف يهرع البعض ليخبرنا عن مؤامرة وزحف ومخطط لابادة الشيعة وهذا الاغراق والتكرار خلق ظاهرة نقيضة لدى بعض الشرائح تسمى التعويم: الملل واللامبالاة.
ولو ان بلوكر قررت اجراء عملية للانف او الفم او المؤخرة، فسيكون ذلك تهديدا لتقاليدنا واخلاقنا وقيمنا التي بهذه الهشاشة والضعف بحيث تُهدد من عملية جراحية ولو حاولت فاشينستا مثلاً شفط بطن لتحول الحدث الى شفط حقائق التاريخ : هذا الموقف الدفاعي المتربص علامة عدم الثقة وهو يعكس أزمنة نفسية وليست أزمة دينية.
هذه مع الاسف خاصية الهويات الخائفة الهشة، وأما الهويات الراسخة المرنة فهي التي تحافظ على جوهرها دون تصلب وافراط وتعويم مستمر أو تتحول هوية مغلقة متحجرة تدور داخل حلقة مفرغة ضيقة .
يحظى الخطاب الايراني بالاحترام لدى الروس والصينيين والباكستانيين والافارقة وشخصيات فكرية وثقافية في الغرب وفي العالم لتركيزه على قضايا الحرب والسلام والعدوان والقانون وحق الشعوب في الاختيار والحرية والارادة وهي قضايا مشتركة كجسور بين شعوب العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى