كتاب وشعراء

حسام السيسي يكتب :عجيبةٌ تلك الديمقراطية.

لا يتجه الرئيس الأميركي إلى الكونجرس، ولا يجتمع مع مستشاري الأمن القومي، ولا يطلب تفويضًا من الشعب عبر استفتاء، ولا حتى يخطب بالأمة كما كانت التقاليد.
بل يشد الرحال إلى مزرعة في نيوجرسي، ليجلس مع “مجموعة ماجا – أمريكا أولًا”، ويستأذنهم:
هل نذهب إلى الحرب؟
هل نُطلق الصواريخ؟
هل نُشعل الخليج من جديد؟
هناك، في قلب الديمقراطية الأعظم، بات الصوت الأعلى ليس لصناديق الاقتراع، بل لصناديق التبرع.
الشعب؟ مجرد خلفية في مشهد ضخم من البروباجندا.
القرار الحقيقي يُطبخ في مطابخ جماعات الضغط، ويُنكَّه بأيدي لوبيات السلاح، ويُقدَّم على مائدة الإعلام لتأكله العقول بلا سؤال.
“الديمقراطية التمثيلية”؟ تحوّلت إلى عرض تمثيلي.
“حكم الشعب بالشعب ولأجل الشعب”؟ صار حكم الشركات بالشركات ولأجل الأرباح.
و”قيمة الصوت الفردي”؟ غرق وسط طوفان أصوات منصات التمويل السياسى.
ترامب، الذي يُحاكم داخليًا، يستعرض خارجيًا.
يرفع شعارات أمريكا أولًا، لكنها تُترجم عمليًا إلى “السلطة أولًا، والشعب لاحقًا، وربما لاحقًا جدًا.”
العجيب أن هذه الصورة لا تُخيف الإعلام الغربي، ولا تُحرج المنظّرين الذين لا يتوقفون عن إلقاء المحاضرات عن حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وصناديق الاقتراع.
كأن الغرب لا يرى ما يرى.
أو كأن ما يحدث هناك هو “نضوج ديمقراطي”، وما يحدث عند غيرهم هو “ديكتاتورية وانفلات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى