كتاب وشعراء

الذين حبسوا قصائدي….بقلم بسام المسعودي

الذين حبسوا قصائدي،
لم يدركوا أن لساني الفالت أشدّ حِدّة من شفرة
نور على حجر زاوية
أغزو بحدته سمعهم
عيوني الهاربة في الظلام باردة
مثل نظرتها لضوء مفقود.
يموتون أمامي كل ليلة،
أولئك الذين
كان نهارهُم هنا،
حيث الصمت أبلغ
من أن أعرف ما يأتي بعده،
ناسياً ما مضى قبله
ومتى غادرتُ،
وحيث لم يبق لي شيءٌ لديهم،
لَطالما أردتُ أن أعيش مستعداً
لكل شيء
وبلا شفقة ألِفْتُ كل شيء
منذ صار قلبي القطيعة بيني وبينهم،
نبضه منهك،
قلبي اللعين شاخ قبلي،
ترك أخبار الحب وظل يحصي
النازحين إليه
وصار لهم مقبرة
ثم راح يلوح لرأسي المتعب من أفكاره الغاشمة جر منه الصداع
حتى أصيب به
وأصبتُ بيدين تتسلقان
صدر القصائد
وأحضن نفسي بهما.
صرتُ موقداً
تنضج عليه قصيدة حُزنهم
وكُلّما انطفأت روحي وضعوا الحطب!
هجرت الجميع
فتساقط العالقون بأكمام روحي
وصرتٔ أصفع وجه الليل بيد
وألوح بالأخرى لصور معلقة
على جدران شهدت تراكم ويل
أصابني بالتجاعيد،
أحدث نفسي عن غيابهم،
أسألها:
– لماذا ولدتَ بين المرايا؟
فتجيبني:
– حَتّى تجمع عليها وجهك الذي كسرته الأيّام معهم،
وحده الله يسمعني
دون أن يقطع حديثي ولا يمل
من كثرة ذنوبي
وإلحاحي عليه كلما رجوته
وكلما كنتُ أحصي غياب
الذين يعلمون أين أنا،
فخطواتهم لن تحملهم إليَّ
ولن تجرهم أصابعهم لكتابة
الرسائل لي،
لقد كانوا رحلة مرت خلال العمر
ثم فرقتنا الحرب
وصاروا كرائحة عطر مقلد،
لقد كان ماء وجهي حياً
حتّى قتلته أفواههم العاطشة،
منذ سنوات أجلس في المقهي وحيداً،
أتبادل أطراف الحديث مع الكراسي الفارغة وأشرب مُر ذكرياتهم،
الروح المليئة بغيابهم
لم يقتنع بابها
أن انتظارهم لن يمسح غبار مقبضه
أو يزيل الصدأ الذي أصابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى