المقهى يشيب حين تغادر.. بقلم : ريما حمزة

المقهى يشيب حين تغادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كُلَّما طالَعَتْ بُرْجَها
زادَتْ أَصابِعُها نَدَماً
لَمّا سَأَلَتِ العَرّافَةَ
قالَتْ:
الضَّوْءُ في قَصائِدِكِ خَطَأٌ فادِح
عَيْناكِ
مَسافَةٌ مَنْهُوبَةٌ
مُذْ خطَّ كحلُ الغِيابِ عَلَيْها
ظِلُّها
جِدارٌ نَسِيَتْهُ الحُروبُ واقِفاً
كُلَّما شَهَرْت عَلَيْهِ الماءَ
رَأَتْ وَجْهَها
يُشْبِهُ جُمْلَةً
تَوَقَّفَتْ في مُنْتَصَفِ الحَريق
في المَقْهى
يَسْتَدْرِجُها الرُّكْنُ البَعيدُ
فالعالَمُ فِكْرَةٌ لَمْ تَسْتَهْوِها
وصَمْتُها
نافِذَةٌ لا تُغْلَقُ
وجِلْبابُها حَكايا خافِتَةٌ
تَتَسَرَّبُ مِنْ مِرْآةٍ قَديمَة
طَلَبَتْ قَهْوَتَها
بِطُمَأْنِينَةِ الغَريب
فَهَرِمَتِ القَصِيدَةُ في أَوَّلِ رَشْفَة
وتَعَثَّرَتِ الرّائِحَةُ
عَلى هامِشٍ
كبّلَهُ الفراغ وتَجاوزَهُ المطر
أُغْنِيَةُ المَقْهى
تُفَتِّشُ عَنْ بَدايَةٍ في مَلامِحِها
مَرَّ النّادِلُ وَسَأَلَها بِهُدُوءٍ خَجُول
ــ سَيِّدَتي هذِهِ وَرْدَتُكِ… تَرَكْتِها عَلى الطّاوِلَة
رَتَّبَتْ شالَها وَأَجابَتْهُ دونَ أَنْ تَنْظُر
ــ الوُرودُ تُقْرَأُ مَرَّةً واحِدَة
وما بَعْدَ ذَلِكَ… مُجَرَّدُ إِعادَةٍ لِصُورَةِ الذُّبُول
نَهَضَ النّادِلُ مُرْتَبِكاً
أَخَذَ الوَرْدَةَ كَمَنْ يَتَشَرَّبُ سِرّاً
لا يَعْرِفُ ما يَفْعَلُ بِه
بَقِيَتْ لَحْظَةً
ثُمَّ تَرَكَتْ خَلْفَها فَناجِينَ مُرْتَجِفَة
وكُرْسِيّاً صارَ أَكْثَرَ وَحْدَة
مُنْذُ تِلْكَ اللَّحْظَةِ
بَدَأَ المَقْهى يَشِيخُ
كَيفَ لا
والزّاوِيَةُ الَّتي جَلَسَتْ فيها
تُحْجَزُ دائِماً
دونَ أَنْ يَأْتِيَ أَحَد.