كتاب وشعراء

اقضم الحياة بأسنان تالفة…..بقلم دامي عمر

لا جديد ،الحياة دائما مغرية بمزيد من الحياة ،ما سمعته امس في الاخبار ،وما طويت الليل تقرئينه من تحليلات ،أو تفكرين فيه كمن يغرق في ضاية ،ستضعينه على جنب وانت تستيقظين مثقلة الجسد والروح كسفينة لا تصل الى شاطئ ،وكل الأنشطة ، ليست نشاطا بمعنى الكلمة، هي محاولات لتجزية الوقت ، جئت الى هذه الارض مطرودة وعشت منتظرة لحكمة ما ، كل ما نفعله اننا نحاول ان نتبينها ،حتى القتلة والمجرمين هم كائنات نفذ صبرها ..او ايقظ الملل غيلانها .
التفكير في الصباح متعب ..تخبط رأسك المكتضة بسارية /سؤال لم يجد حتى اكبر الفلاسفة جوابه : ماذا سأضيف للبشرية بيوم زائد ؟
اليوم موعدي مع طبيبة التغدية ، سكري مرتفع وعيناي تصيبهما الزغللة كثيرا ، مفاصلي مراكز استنفار مستمر ..الاشياء اضحت بعيدة من حذائي الى اقرب نقطة في بنامجي اليومي ..افرح حين توجه لي دعوة للخروج او للقاء الاهل او الاصدقاء ،لكن رويدا رويدا تتسلل الى عزيمتي اسراب من نمل الضجر والعياء …احار بين طبيعتي الميالة الى الالتزام واحترام المواعيد ورغبتي في البقاء وحيدة في ركني العتيد ..لا احد ينتبه إلى هذا الردم العظيم الذي بدأ ترابه يسقط في كل مكان ،في خبزهم وشايهم ،وعلى كنباتهم وفي جمل الاطراء التي كنت اوزعها عليهم بكرم الام . لا ينتبهون او ربما انتبهوا ولكن لا يصدقون ،ولا يرغبون في ذلك . هكذا بدأ الامر مع أمي رحمها الله ،تشبت مريب ببيتها ، اصبح فرحها بعيدا ،و كلماتها قليلة ..هل نودع ابناءنا برحمة ،نجعلهم اولا يتعودون غيابنا ،رويدا رويدا نصبح كائنات على هامش حيواتهم ؟
لا رغبة لي في الفطور ،حبة افوكا صغيرة مع قليل من منقوع الشيا .. مهوسة بالمواعيد وقداستها ،خرجت مسرعة لاستقيل سيارتي المركونة في المرآب .. صادف اليوم انهم ينظفون العمارة ،خطوتان ووجدتني اسقط كنخلة ..الارض بعيدة ..حدثت اضرار لطيفة ،سمعت أمي “ارسول الله ..” نحن نسمع امهاتنا عند كل سقوك ،صوت يتردد رحيما ،قريبا ومألوفا ، الم فضيع في المرفق والكتف ..رأسي لم يصب ،اصلا هو مصاب بكل الاثافي وما فيه يكفيه ههه ، لعل الاطفال الذين يلعبون فيه الغميضة ملائكة يكتب لهم الله النجاة . عند الطبيبة لاحظت الدم على مستوى المرفق لم انتبه من قبل أنني نزفت قليلا ،فحصت الجرح ،قالت إنه غائر ولابد من خياطته ،ابتسمت وقلت في نفسي ” لو اننا نخيط كل جراحنا الغائرة لتحولنا الى كائنات فرانكنشتاينية بامتياز ” هي لا تعرف انني ،طالما استأنفت السير وأنا أنزف ، وأنني افضل الجرح على غرزة الخراز .. دمي ملوث بالسكر ،يا حلاوتي! أنا اعيش وفق رجيم صارم ،زيادة على الاقراص من اين هذا الارتفاع ؟ ربما من الشعر ،او من صور الكارثة الكبرى.. فنحن بطريقة او بأخرى هنا او هناك نوطن الوحش ،وسندفع ثمن الغباء البشري ،و جنون الكمشة المريضة من حكام العالم ..نحن نسير بخطى ثابتة نحو الافلاس البشري العظيم ..خرجت من العيادة رميت الملف في الكرسي الخلفي للسيارة ..وتوجهت رأسا الى الحبوس ..فطور جيد واتسكع في بعض المكتبات ثم اعود الى جحري ..
اعجبني حوار بجانبي ،استمع دون قصد .الرجل يقول غاضبا لجليسه ” جئت من عمان إلى المغرب لأجد ابا حامد في اسوأ بار في الرباط ،تبا يا اخي كلنا مزبلة ..” ..مزبلة بما فيكم البار ههههه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى