أحب أن أكون إرهابيّاً ……بقلم نعمان رزوق

أحب أن أكون إرهابيّاً ..
سيّء السُّمعة ،
لا أطلب من أحدٍ أن يحبّني
و لا أن يفهمني ..
فلستُ بياناً سياسيّاً
و لا أُشبهُ رغبةً ممرغةً بالنجاة .
أنا الواضحُ كرصاصة
و الباردُ كأخٍ يرى أخاه يسقطُ ..
و لا يُبلّل عينيه بدمع ،
أحب أن أكون إرهابيّاً
لأنني حاولت أن أكون مواطناً صالحاً
فصفعني التاريخ
و بصقت عليّ الجغرافيا
و ابتلعتني الأخلاق ..
كحبّة مسكّنٍ منتهية الصلاحية .
في طفولتي
كنتُ مهذباً جداً ..
أرفع يدي حين أريد الكلام
و أغلق النافذة كي لا يدخل الغبار
الذي كان دائماً يدخل من الكتب ،
و كي لا تدخل النار ..
التي لطالما
لجأت إليّ هاربةً من فم الوعاظ ،
و كي لا أصطدم مع الكراهية في المطبخ ..
تلك التي لم تأتِ من الخارج
بل
من حصة التربية الوطنية .
أحب أن أكون إرهابيّاً
لأن القصيدة لم تُنقذ أحداً
و لأن الله لا يردّ على الرسائل المكتوبة بخطٍّ جميل .
أنا الإرهابيّ الذي يكتب بمدادٍ مسروق
و يُوقّع باسمه الأول فقط .. ( ابن الغضب ) ..
لا أريد جنّةً و لا عذراء
أريد فقط أن يُقال عنّي ..
مرّ من هنا رجلٌ .. خاف أن يكون جباناً
فاختار الوحش ،
و لأنني
جرّبتَ أن أكون طيّباً
فأهانوني بأناشيد الطفولة ..
و رسموا لي علماً
كان يطعنني من الخلف ،
أهانوني
حين علموني أن الوطن (أمّ)
ثم سمّموه بالحقد ،
فصرتُ أبحث عن وجهه في مقابرَ بلا تواريخ .
هل تعرف ما معنى أن تُربّى على الصمت ؟
أن تُقال لك كلمة ( الكرامة )
بينما تركض خلف الرغيف ..
ككلبٍ عتيقٍ بلا اسم .
أنا الإرهابيُّ الذي
لم يكن يُتقن استخدام السلاح ..
لكنّه تعلّم كيف يصنع من اللغة طلقة ،
و من السكوت موتاً بطيئاً ،
فكل شيء قابل للانفجار
حين يُضغط عليه كفاية ..
حتى الإنسان .
أنا لستُ إلا نتيجةً طبيعية
لمنهجٍ دراسي مشلول ..
لوطنٍ لا يحترم أبناءه إلا موتى ،
و لإلهٍ صامت ..
لا يجيب على أسئلة الدمع .
أحب أن أكون إرهابيّاً
لأنهم لا يتركون للغاضب مكاناً ،
و لا للمحبِّ مساحة ،
و لا للخيبة .. جنازة لائقة .
بلى ..
أنا السيئ السمعة
الذي رأى الحقيقة عارية
فلم يغطّها بوردة ،
بل صرخ فيها ..
كُوني جحيماً .. أو اخرسي .
………………
وعول الخيبة