رؤي ومقالات

عبد الناصر سلامه يكتب :أكاذيب ترامب حول تمويل سد النهضة

قبل توقيع اتفاقية إعلان المبادئ مع إثيوبيا، لم يكن هناك أي تمويل للسد من العالم الغربي، فقط كان التمويل من السعودية، باسم الملياردير محمد حسين العمودي، ثم دولة الإمارات على المستوى الرسمي، ثم إسرائيل من خلال اكتتابات بالبنوك، كانت تعلن عنها الصحف الإسرائيلية، واكتتابات أخرى محلية في إثيوبيا، ورغم ذلك لم تستطع إثيوبيا جمع أكثر من مليار دولار، وهي بحاجة إلى خمسة مليارات.
وكان صندوق النقد والبنك الدوليين وروسيا والصين وعدد من الدول الأوروبية، قد اعتبروا أن الاستثمار في السد يحمل مخاطر كبيرة، جراء موقف مصر، الذي يمكن أن تستهدفه في أي وقت، لذا أصدروا بياناً بأننا لن نقوم بأي تمويل ما دام استمر الموقف المصري هكذا.
بعد توقيع مصر على الاتفاق (لأسباب ذكرناها سابقاً)، بدأ التمويل ينهال على الجانب الإثيوبي، باستثناء الولايات المتحدة، فجمعت إثيوبيا نحو سبعة مليارات، فلم تكن في حاجة إذن إلى دعم أمريكي، وأسماء الدول الممولة ليست سراً، واستضاف ترامب عام ٢٠٢٠ جولة مفاوضات انسحبت منها إثيوبيا وهرب منها السودان، وتركوا الوفد المصري وحيداً يوقع على اتفاق من طرف واحد.
السؤال: لماذا يجاهر ترامب بتمويل السد كذباً وبهتاناً الآن؟
تصريحات ترامب في المرة الأولى جاءت بعد تصريح وزير الخارجية المصري، بأن مصر تحتفظ بحق الرد أو التصرف، حينما أعلن أن المفاوضات فشلت تماماً، وأيضاً في أعقاب زيارة ترامب الخليجية، وفي المرة الثانية جاءت عقب لقاء بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة العدو، والتي تزامنت مع إعلان إثيوبيا انتهاء العمل بالسد، وتحديد موعد حفل الافتتاح.
يعني إيه الكلام ده، يعني أن ترامب أراد إرسال رسالة إلى مصر مفادها أن هناك استثمارات أمريكية في السد، حتى لا تسول نفس أحد الإضرار به بشكل أو بآخر، بما يفيد أن هذا المطلب من ترامب، كان خليجياً- إسرائيليا، وبالتأكيد الرسالة وصلت مصر من أوسع الأبواب، إذا كانت تفكر في أي شئ بالفعل.
أما حكاية ان ترامب هايقوم بدور وساطة دي بقى، فهذه هي الكذبة الأكبر، ذلك أنه لم يكن له أي موقف حينما انسحب الإثيوبيون عام ٢٠٢٠ في واشنطن، إضافة إلى أنه يسعى الآن إلى تغيير موقف مصر فيما يتعلق بغزة تحديداً، والمنطقة بشكل عام، حيث أن اتفاقاته مع ننتياهو بشأن المنطقة ككل كارثية، فهو إذن يساوم مصر لا أكثر ولا أقل، ناهيك عن إن الأمريكان عمرهم ما ييجي من وراهم خير طبعاً.
بالطبع كل الكلام ده، لا يخفى على صانع القرار في مصر، أي ليس سراً، إلا أن الخناق حول مصر الآن أصبح خطيراً جداً، ومن كل الاتجاهات تقريباً، إثيوبيا ومشاكل السودان في الجنوب، ليبيا وتطورات خطيرة حالياً في الغرب، فلسطين وسوريا ولبنان في الشرق، ترسيمات البحر المتوسط ومشاكل الغاز في الشمال، في الوقت الذي لم يعد هناك أي ظهير عربي لمصر، بل على العكس أصبحت المؤامرة علنية، وهو ما يغل يد مصر عن أي قرار في أي اتجاه، عله الاستدراج.
واضح، والا لسه فيه حاجه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى