طقوس الدائرة للشاعر المصري المبدع محمد أبو عيد

طقوس الدائرة
في البدء كان نورا
انبثق من عين الظلمات
فيما بعد البدء صار دخانا
لم أكن أعلم شيئاً عن طقوس الدائرة
كنت وحيداً أعيش في قلم صغير
فوق ربوة ذات ورق وسطور وحبر مهجور
قريبة جداً من وساوس الهذيان
عارياً بلا قدرات دماغية تستر حيرتي
أعزل أشاهد في غابات الذهول الشائكة
شمعة تحمل مولودها الأول في لفافة ضوء
وتذهب في الليل تلقي به وبنفسها في الاحتراق
النار أيضاً كنت أراها تحرق ما حولها
وكثيراً كنت أراها على أرصفة الصقيع
تبيع الدفء ببعض أعواد من الحطب
وحين بلغت سن الرماد التهمت حكايتها الرياح
أعزل ؛ لا علم لي يفسر هذي المقدرات
ذات أرق مشهود لست أنساه
رأيت شيئاً ما لا أعرفه يخرج من صدري
كان يشبه النور الذي انبثق من عين الظلمات في البدء
أغلقت عيني في وجهه عدة مرات
كنت خائفاً من زيارة المجهول
لا أريد أن أكون ناراً أو شمعة
لا أريد الخروج من الموجودات للمعدومات
هذا الطيف عاد مرة أخرى لكن في صورة طير
وقف فوق أشجار شرودي ينقر قيدي
راغباً في إطلاق أسرار وجودي
أنا داخل القيد أعيش في ملكوت الأسرار
خارج القيد من المؤكد سأموت حرقاً بالكلام
عملية المد والجزر مرهقة للغاية
سآخذ من أسطورة النار والشمعة حكمة
أجعلها على رأسي تحرسني من المباغتات
دخلت الدائرة بفكر مرصود
كان الضلال يتمشي في الحقيقة
أو الحقيقة تتمشى في الضلال لا أدري
كل ما أعلمه من هذا التيه الطويل
أنني بعد عدة ظلمات طويلة أصبحت مصباحا
كنت على علم بكل طقوس الدائرة
رغم هذا بكامل التهور دون تردد
زوجت قلمي لبنت من بنات أفكاري
أنجبا كلمة بريئة تشبهني في أيام البدء
كلمتي الصغيرة عندما بلغت سن الضوء
تركت أوراقي والقلم ؟ رحلت تبحث عن قلم آخر
ذو نافذة واحدة تطل على الحقيقة بلسان صادق !؟
إنها خرجت دونما علم تبحث عما ليس لها به علم !
هناك حيث هي ؛ وهنا حيث أنا
لا وجود للحقيقة التي تركتني من أجلها
إنها الآن في عداد النار والشمعة
احترقت ولن تعود ……
محمد أبوعيد