أشواك لا تنتهي/للشاعر السوري أحمد اسماعيل

أشواك لا تنتهي
في هذا المساء
أحاول جاهداً أن
أبتعد عن القلق
أبحث عن الهدوء في رشفة القهوة السادة
و أنا أجلس على بعد لمسة من الجوري
بعيداً عن ضجيج الكتاب
و نشرات الأخبار
و حالة التذمر التي وصلت الذروة من طقس آب اللهاب
أغلق على ذاتي
ثم أشعل سيجارة
و لأنها الصديقة الحقيقية
أمتلئ بها
أتصاعد دخانا للأعلى
أنتشر في الفراغ
أصبح عيناً من ضباب
عيناً تحدّق في المكان
أنظر إلى ال أحمد فيَّ
لا أعرفني….
أصيح…
يَردُّ الشيء المختبئ فيَّ :
مضى على فراقنا الكثير
متى تتحرك فيك الحواس ؟
متى تصالحني ؟
متى تعود يا أناي ؟
الأشواك التي نبتت على يديك
تكبر و تكبر و تكبر
في صدى الزمان
في صدى المكان
في صدى الأشياء…
على سبيل المثال
شوك بارز في عين الشمس
أفقدها التوازن
أصبحت تضحك كثيراً
و كلما ضحكت
تحرق كلمة هنا
و لسانا هناك
و حقولاً لا تحصى
كانت مزروعة بفرح الياسمين
لا الأيام عادت كما كانت
و لا الفصول تسير مع شهورها
و لا الأعوام يحتضنها التاريخ
يقال كثرة الضحك تميت القلب
فبأي شيء تنبضين يا عين؟
شوك آخر ثقب صدر السماء
المسكينة
لم تعد تمطر إلا بالدماء
دماء تجري كالسيول
تسقي جذور الحرب
شوك أنساها فطرتها
و الفطرة صارت مزاراً
كل هطولات البراءة
باتت حكراً على الكتب المغلفة بالغيوم البيضاء
هناك
حيث لا لون للبرق و لا صوت للرعد
هناك الأحلام تجتمع
وتجهش في البكاء
يا أناي
تعال تعال
خذ نظرة على الشوك الذي في غمازة خد البحر
وتأمل مدى الورم في تفكيره
الأسماك تأكل بعضها البعض
دون بسملة أو حمد
و لا حجة تفوش
إلا الغاية تبرر الوسيلة
أنَّى للشوك أن يحصى يا أناي
ليت للسيجارة نفساً أطول
ها أنا انتهيت
و ها أنت تنبعث
كشوك متحضر
ترسم حدود الإحساس بالألم
بعد المرحلة العاشرة من الوخز
أحمد إسماعيل / سورية