كتاب وشعراء

أكتبُ لك….بقلم عبد الرحمن القشائي

أكتبُ لك
بينما العالمُ يرفعُ نفسهُ الآن
إلى توابيتِ الاحتضار
العالمُ الذي حوّلناه
من حديقةٍ آسرةٍ
إلى ثكنةٍ عسكرية…
أكتبُ
ويدي التي لامستْ بؤرةَ الاتساع
في خيالك،
في تفكيرِك المتكهرب،
في شقاءِ العمرِ
المتّكئِ على حصافةِ الكتب
ورزانةِ الحبر…
تستلهمُ عينيكِ سطرًا
لكلِّ حدث،
وإلهامًا لحكمةِ التأويل..
أنتِ…
لستِ مع أحد،
كأنما الله حين يطّلع على الجميع
ويُنجزُ المهمّة
في الوقت المناسب..

لوقتٍ طويل
كنتُ أمسكُ المسافةَ من ذيلِها
وأجرّ إليكِ الهزيمة
لأضعَ أصبعي في عينيها
وأجيءَ بفرحةِ المنتصر،
حيثُ تُفتحُ لكِ بواباتُ النشيد
وتُسكبُ من رسغكِ
دموع النشيد..

أنظرُ حيثُ تشرقين،
فأتساءل:
أنتِ — الملطخةُ بالاتساع،
المُلتويةُ في الرد،
الشعلةُ في السياسةِ،
والتاريخِ،
والأدب…
كيف تصمدينَ
في زنزانةٍ مكيّفة؟

أمشي…
ولا أملكُ سوى المشي
جزءٌ متأصلٌ مني
من جذوةٍ أحرقها الأجداد
فقالوا:
ربّنا باعد بين أسفارنا…
نمشي
والأرضُ تئنُّ
من وقعِ خطانا،
نمشي
وفي الطريقِ
شعراءُ يلتقطون الوزنَ من النفايات…
بلا أسباب..

ولأسبابٍ كثيرة
أرى في المشي الحبّ،
لأني ربما أحبكِ
بطريقةٍ
لا تختلفُ كثيرًا
عن فرقةِ نزعِ الألغام..
أحبكِ…
وهذا أمرٌ..
أما صراعاتُنا —
فهي دليلُهُ
الذي لا يبرحُ
يحوّلنا إلى رمزيّاتٍ
في الساحات،
تُلتقطُ الصور أمامها..
وغدًا…
ربما يأتي ضاحكًا،
ساخرًا من الذين قالوا:
لا تمشوا في هذا الطريق.
ثمّ بعد
النصيحة نراهم يمشون خلفنا..

إنني أهرعُ لإغاثتِك،
وزمرةُ دمي من دمك.
أملكُ لكِ
مؤازرةً روحية —
تسبقُ حاجتَك للكلام،
وتنسجمُ مع الوجود
كأنها اتفاقُ الخلقِ
في هالةِ العدم…!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى