لحن في قطرة زمن ….بقلم: مها السحمراني

في قطرةٍ من الزمن انكمشت روحي على هيئة نغمة
جلستُ تحت شجرةٍ تشبهني ملتويةٌ من الحنين صلبةٌ من الانتظار
أعزف لا لأسمع بل لأتذكّر أنني ما زلتُ أتنفّس
أن كل وترٍ في العود هو وترٌ في قلبي
البحر أمامي لا يسألني لماذا لا أقترب
ولا يعاتبني حين أهرب
هو فقط يلوّح لي بموجهِ ويقول:
حين تنضجين كفاية ستأتين وحدك
الغروب ليس نهاية بل امتدادٌ لحلمٍ آخر
لونٌ من السؤال كأنّ الضوء يُعيد صياغة صمتي
الكون داخل القطرة وأنا داخله
أعيش بلا جدران ولا ضجيج
مجرد لحنٍ ينبع من صمتي ويعود إليّ
أنا تلك الفتاة التي اختبأت لا من العالم
بل من أفكاره عنّي
وها أنا الآن أعزف لتذكّر من أكون
أنا في قطرة كأن الوجود اختصرني في ومضة
وأنا قبلت جلست عند جذع الشجرة
وأخرجت صوتي من حنجرة الغيتار
أغني لا لأُطرب بل لأُشفى
كأن اللحن خيط خفي يخيط ما تمزّق من روحي
وأنا أمضي من نغمة إلى نغمة كمن يعبر نفسه
أعزف لتذكّر من أكون
لأجمع ملامحي التي تبعثرت بين ضجيج العالم وصمتي الهادئ
أهدهد ذاتي بنغمة وأستفهم ظلي في إيقاع
لا أحد هنا سوى الحنين القديم
وسؤال لم أطرحه
وشجرة لا تحكم لكنها تفهم
كل وتر يسقط دمعة لم تبكِ
وغيمة لم تمطر
أنا الطينُ الذي يغني
والأملُ الذي ينتظر إيقاع الحياة
أنا الموسيقى التي لم تُكتب
أنا المدى الذي يحنّ إلى نفسه
أغني للريح للأفق لما لم يحدث بعد
وأعلم أنني في كل عزف
أولد من جديد دون أن أغادر مكاني