كتاب وشعراء

يُكتَبُ بِهِنّ…..بقلم فاضل عباس

ثمةُ نساءٌ لا يُكتَبْن، بل يُكتَبُ بِهِنّ.
عيناها ليستا لونًا، بل جغرافيا للضياع الجميل.
وحين لا تعودُ اللغةُ قادرةً على وصفِ الضوء،
يستعيرُ القلبُ سوادَها ليرى.
النص
تبحثُ بين أضلعي عن صورتِها…
وكأنّ الضلوعَ سُيّجتْ منذُ البدءِ لتكونَ أرشيفًا لعينيها.
افرحي،
لقد وشمتُكِ عن ظهرِ قلب،
لا عن خطإٍ عابر،
ولا عن نزوةِ حنينٍ مؤقت،
بل عن يقينٍ يخرقُ الجلدَ والعصبَ والمعنى.
كُنتِ الجملةَ التي تُختَمُ بها السورة،
العِطرَ الذي لا تبلّلُهُ الغيومُ ولا الزمن.
كُنتِ وطنًا،
لكنّه وُلدَ في منفى،
فصرتُ أمشي إليكِ كمن يطلبُ جنسيته من النظرة الأولى.
حضوركِ؟
لا يُشبهُ الحضور،
بل يُشبه الانقلابَ على القوانين القديمة.
يمزّقُ قائمةَ الممنوعات:
ممنوعُ الشوق،
ممنوعُ النُطق،
ممنوعُ النظرِ إليكِ إلّا بأمرِ القصيدة.
لكنّي رأيتكِ،
ونظرتُ،
وكتبتُ،
ثم سألتُ…
كم قلمَ كُحلٍ أحتاجُ،
لأكتبَ قصيدةً واحدة،
لا تقولُ شيئًا إلا لونَ عينيكِ؟
ذلك السواد الذي لا يشبه الحبر،
بل يُشبه صمتَ السماء حين تفكّر،
وتخجلُ من وضوحكِ.
أيّ كلمةٍ تليقُ بكِ؟
ليلٌ؟ لكنه يتقلّب،
وغابتكِ ثابتةٌ في اضطرابي.
عاصفة؟ لكنها تمرّ،
وعينيكِ بقاءٌ يُقيمُ في السؤال.
ربما أحتاجُ إلى ألف قلم:
واحدٍ لرمشة،
وآخر لانكسار الضوء على رموشكِ،
وثالثٍ لسقوطي،
حين أمرُّ بكِ ولا أمرُّ منّي.
لكن لا شيء يكفي.
سأرمي الأقلام،
وأكتبكِ بإصبعي المرتجف،
على جدارِ الغياب،
أو على زجاجِ النافذة حين تمطرين في قلبي،
كمن يكتبُ دعاءً لا يُقرأ،
بل يُبكى.
وفي كلّ مساء،
أُعيدُ قراءة الوشم على صدري،
وأتساءل:
هل كنتِ أنثى؟
أم قصيدةً ضاعتْ في كحلها
كلُّ اللغات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى