فيس وتويتر

محمد عبد اللاه يكتب :ضيق الأفق الاستراتيجي

زميلي الصحفي المدون المتخصص في البحث الوثائقي الأستاذ/ عامر سلطان اطلع في لندن على وثائق بريطانية مرفوعة عنها السرية حديثا، وجاءنا بالخبر اليقين.
الرئيس الراحل حسني مبارك أيد الجهود الأمريكية والبريطانية لإنزال الهزيمة بالرئيس العراقي صدام حسين وإذلاله وإسقاطه عقابا له على غزو الكويت.
وتكشف الوثائق أيضا أن مبارك توقع أن يكون من شأن هزيمة العراق في الكويت خلال عملية “عاصفة الصحراء” سقوط الرئيس العراقي في انقلاب يدبره قادة الجيش ضده.
تقول الوثائق، التي نشرتها الأرشيفات الوطنية البريطانية، إن مبارك نصح رئيس وزراء بريطانيا جون ميجور بتجاهل الرأي العام العربي والمضي قُدما في الحملة العسكرية لطرد العراق من الكويت بهدف إذلال صدام وإسقاطه.
ماذا كانت مناسبة هذا الكلام؟
غزا صدام الكويت في 2 أغسطس 1990. وفي 17 يناير 1991 شنّ تحالف بقيادة الولايات المتحدة ضم مصر وسوريا، من بين دول عربية أخرى، حرب عاصفة الصحراء.
وفي اتصال هاتفي بين مبارك ورئيس وزراء بريطانيا جون ميجور بعد نحو أسبوعين من بدء الحرب عبر ميجور عن مخاوفه من احتمال انسحاب عراقي مفاجئ من الكويت، وقال لمبارك إنه يشعر بالقلق من أن يُحقق صدام انتصارا رمزيا لمجرد وقوفه في وجه الولايات المتحدة.
وأكد ميجور، بحسب الوثائق، أن الولايات المتحدة وبريطانيا ترغبان بشدة في تجنب مثل هذه النتيجة، وأنهما تصران، ليس فحسب على هزيمة صدام وإنما إذلاله أيضا. وأضاف أن تدمير القدرات العسكرية العراقية أمر مهم.
ماذا كان موقف مبارك؟
تقول الوثائق إن مبارك أقر ما قاله له ميجور، وشدد على أهمية ممارسة أقصى ضغط على الحرس الجمهوري العراقي حتى لو انسحب صدام من الكويت.
تمضي الوثائق قائلة إن مبارك قال لميجور إن تدمير قدرات صدام العسكرية سيضمن أنه لن ينجو.
انتهت تدوينة عامر التي توليت بنفسي ترجمتها من الانجليزية.
وتعليقي أن موقف مبارك، إن كان صحيحا حرفيا كما أوردته الوثائق، يعبر عن ضيق أفق استراتيجي. ونفس الشيء يعبر عنه اشتراك قوات سورية في التحالف العسكري الذي قادته الولايات المتحدة.
ربما ظن مبارك والرئيس السوري وقتذاك حافظ الأسد أن مشاركتهما في تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة ضد دولة عربية ثالثة بسبب احتلال دولة عربية رابعة سيحميهما في الحكم، ويحمي فيه أسرتيهما من بعدهما. لكن خاب ظنهما وتعرض مبارك للإذلال لاحقا وتعرض له ابن حافظ الأسد من بعده.
الأهم من ذلك أن ضيق الأفق الاستراتيجي أورثنا انسداد الأفق الاستراتيجي الحالي الذي أدى إلى تصغير، بل ربما تصفير، العالم العربي.
تسألني عن غزو الكويت وضمها، فأقول لك إن ذلك كان بمثابة العمى الاستراتيجي الكامل من صدام.
(الصورة لمبارك وجورج بوش الأب رئيس الولايات المتحدة وقت العملية التي سميت “حرب تحرير الكويت”)
(الرجاء تجنب التعليقات المتجاوزة والامتثال لمعايير فيسبوك التي تحظر خطاب الكراهية والتحريض على العنف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى