أفكر ….بقلم عيد صالح

أفكر ماذا لو خرجت هذا الصباح
وتسربت الشوارع من ذاكرتي
تسلمني الميادين للاشيء
أدور حول قبة وتمثال
أتمسح في تعاشيق المقام
أتوه في الحضرة لكنني سرعان ما ينفض الناس من حولي
فأراني محاصرا في فراغ كينونتي
أتبع خيطا غامضا
أتسلل من ثقب شارع لحارة لزقاق بيت
لغرباء يردونني في دهشة
لأعود في دوامة البحث
أهتف أين الطريق إلي البيت ..؟
أين شراعة الباب ..؟
والأشقياء بالداخل ينتظرونني
يلعبون بلحيتي
المرايا في الحوائط والحوانيت لا تبين
لاتردني إلي لأستعيد ملامحي
قلت أعيد ترتيب المعالم
ربما أعثر علي علامة أودليل
بيت جارتنا العقور
زوجها الذي عادت جثته من العراق
وابنه المتوحد في ملكوته
شيخ حارتنا الذي لا ييأس من محاولة جذبي لجماعته
لاعب الكرة والعازف علي الأرج والفتاة التي انتحرت
حارتنا التي لا يغيب عنها الضجيج
لماذا كل هذا الصمت كل هذا البراح
ولماذا أنا هنا
هل كنت أقصد المسجد
لست من رواده لكنني محافظ علي صلواتي
وأصوم وأؤدي الزكاة
لست غنيا ولا فقيرا
آخر عملية أجريتها كانت لطفل ضربته عربة
لم أستطع انقاذه رغم تبرعي له بدمي
ودم كل من كانت فصيلته ” o ”
لست مولعا بشيء
غير تلك الكتب التي تحتل كل الأماكن في البيت
تغري الأصدقاء بأخذها دون إذن
ما الذي أوصلني إلي هنا
وأنا أريد العودة إلي البيت
يا هذا يا سيدي يا سيدتي ياابنتي يا فتاي
يا كلكم أعيدوني إلي بيتي
بيتي الذي كان هنا ولم أبرحه منذ ولادتي
مالكم لا تصدقونني
كثيرون ممن هنا ولدوا علي يدي
المرتعشتين الآن
لا تنظر الي هكذا يا بني
ربما جذبتك من رحم أمك من قدميك
وأنت يا من تلمسين بيجامتي
ربما ضربتك علي ظهرك كي تصرخين
صرخة الحياة الأولي
لماذا تتظرون الي هكذا
لا تتأسوا علي ما أنا فيه
ثمة خطأ ما
ربما كنت أحلم
وها أنذا أطير محلقا فوقكم
أجتاز الغمام والأبراج والقلاع
في انبلاج الضوء
سوف يتكشف كل شيء
فقط أرجوكم
لو لم أعد أنا أنا
أن تعثروا علي
وتعيدوني إلي بيتي
بيتي الذي كان هنا
ولا أراه الآن
لأنني لست أنا
ولا أعرف من أكون..!!