نحنُ_الطُّو𓂆فانُ• الجزءُ الأوَّلُ: (صَرخةُ التَّكوين) د. عبداللّٰه عياصرة/ الأردن

نحنُ المُمْتطونَ سُرُوجَ الحُلمِ الثَّقيلِ،
والحافِرونَ بمناجِلِ القلبِ
تاريخًا من الأنينِ العميق
نحنُ القادمونَ من جِهةِ السُّرَّةِ،
نَزِفُّ طِيبَ الغيابِ على أبوابِ الغَيمِ،
نَسْتَلُّ منْ وَجَعِ الحُقولِ صَوتَنا،
ومِنَ المَدى: نُسورًا تُحلِّقُ على جُثَثِ الغُزاةِ،
ومِنَ الظِّلالِ: شواهدَ لا تخونُ الرُّؤيا…
||•
نحنُ الطُّو𓂆فان..
وهُمُ الرُّكام
كأنَّنا انسكَبْنا من رَحِمِ الألمِ نهرًا لا يَجِفُّ،
أو أنَّنا: طِينُ البداياتِ في قَبضةِ النُّبوءةِ،
أو أنفاسُ الفَناءِ..
يومَ تتكوَّنُ الأبديَّةُ من صُراخِ العابرين
نحنُ الذين لا نَحِنُّ إلى أرضٍ؛
لأنَّنا الأرضُ والجُذورُ والسِّيقان
ولا نَفْتقدُ الملامِحَ؛ لأنَّنا الوجوهُ والتَّقاسيمُ والإنسان،
ولا نَتوسَّلُ ممرًّا؛ لأنَّنا الجُسورُ على مرِّ الزَّمان…
|||•
نحنُ الذينَ قَسَونا على جُرْحِنا؛ لنبقى..
وسجدنا في العَراءِ كي لا ننحني إلا لمن رفعَ السَّماء…
حُتُوفُنا على طريقِ البَعثِ،
حيثُ نكونُ ولا نكون،
رُفاتًا من نُورٍ،
أو بُذورًا في قلبِ المَنون…
||||•
نحنُ القادمِونَ من رَحِمِ الذِّكرى،
من أعماقِ الأغاني الحزينةِ التي لم تُكتَب،
ومن غُبارِ الخُيولِ التي لم تصل…
نحنُ السَّاهرونَ على أرصفةِ النِّسيانِ،
نُضمِّدُ الجُرحَ العنيدَ بأناشيدِ الغائبينَ،
ونزرعُ في دماءِ القصائدِ أجنحةً،
وفي ضُلوعِ اللُّغةِ رمادًا يُنبتُ أغصانًا تُلوِّحُ للشِّمسِ والسَّائرين…
|||||•
نَحملُ في قَبضاتِنا ضَوْءَ التَّكوينِ،
وفي أحداقِنا خريطةَ التِّيهِ الأولى،
نَخوضُ في مِلْحِ الحقيقةِ،
ونكتبُ حِبرَنا من دَمعِ الأمسِ المَسكوبِ
على صُدورِ الأنبياءِ والمَصلوبين…
||||||•
نحنُ الطُّو𓂆فان حينَ تَصدأُ الأناشيدُ،
ونحنُ الصَّدى حينَ يموتُ النداء…
وإذا ما تناثرَ الوَهمُ في أعينِ السَّالكين،
كُنَّا البَصيرةَ تمشي على عُريِ الطَّريق،
وإذا جفَّتِ الأرواحُ في أكمامِها،
كُنَّا ارتجافَ العِطرِ في آخِرِ وردةٍ على حافَّةِ الجُنون…
|||||||•
نحنُ، لا نسألُ الرِّيحَ إلى أينَ؟!
لأنَّنا الاتِّجاهُ والمدى،
ولا نُسائلُ الوقتَ عمَّا يُريد؛
لأنَّنا اللَّحظةُ حينَ تُشَرْعِنُ معناها…
نحنُ الموشومونَ بالغِيابِ،
لكنَّنا نبضُ البَقاءِ في كفِّ الغَابِرين،
ونحنُ الهامِشُ الخَجولُ حينَ تَذوي المُتون،
لكنَّنا العُنوانُ حينَ يُكتَبُ الخُلود…
||||||||•
فيا أيُّها الرُّكامُ،
تَهاوَ كما شاءَ لكَ الخَوفُ،
فنحنُ الطُّو𓂆فانُ..
نَكتبُ آخِرَ السُّطورِ
بأبجديَّةِ البقاءِ في قلبِ الزَّوال!