فراج إسماعيل يكتب:أطالع منذ نهار أمس حملة سعودية

بمناسبة صفقة الغاز مع إسرائيل وهي بالمناسبة ليست جديدة، امتداد لصفقة موقعة عام 2019، بحيث تنتهي عام 2040 .. لابد أن أدلي ببعض التفاصيل لأنني أطالع منذ نهار أمس حملة سعودية. لا تبدو للمتابع من بعيد أنها رسمية، لكن الحقيقة أنها رسمية تتستر وراء الكتائب الإلكترونية، فموقع “أخبار السعودية” الموثق على منصة X ليس كتيبة الكترونية، ويرأس تحريره صحفي مقرب من القصر، وصفحة اينشتاين السعودي، خصصت منذ الأمس مسابقة عبارة عن سؤال سهل من يجيب عليه يحصل على 12 ألف جنيه مصري، ولا أظن أن ناشطا عاديا على مواقع التواصل الاجتماعي مستعد أن يدفع مبالغ مالية لزيادة عدد متابعيه المصريين ليستقبلوا حملاته المسعورة، ليختار إجابة من ثلاثة عن الألباني الذي حكم مصر؟!.. ومن الاختيارات: محمد علي!
جملة اعتراضية بين قوسين، وهي أن الصحافة الإيطالية تحدثت أمس عن إيقاف سفينة سعودية قادمة من الولايات المتحدة كانت تحمل أسلحة وذخائر إلى إسرائيل.
هذه الجملة الاعتراضية ليست هجوما على السعودية وقد لا يكون ما نشرته الصحافة الإيطالية دقيقا، ولكنها للتذكير بأن غ ز ة صارت عنواناً للابتزاز لتفريغ شحنة الحملات بين الدول العربية رغم أنها جميعا تستحم من طشت واحد وتعطي ظهرها للمجاعة والإبادة!
ما علينا..موضوع الغاز يحتاج إلى تفصيل. وقد أجهدت كعادتي عيني في الرصول إلى تفاصيل أعمق من الصحافة الأجنبية.
الصفقة ليست جديدة وهي صفقة عشرية مستقبلية تنتهي عام 2040. بمثابة امتداد للصفقة الموقعة عام 2019 وتنتهي عام 2030. المد والكميات الجديدة مقابل 35 مليار دولار.
لا يخفى على أحد أن الغاز يتحكم في 76% من كهرباء مصر، تشمل مصانع البترو كيماويات والحديد والصلب.
بموجب الإتفاقية الموقعة مع شركة نيو ميد الإسرائيلية التي تعمل في حقل ليفياثان، سيتم توريد 130 مليار مكعب حتى عام 2040 من حقلي تمار وليفياثان في شرق المتوسط، أو حتى الوفاء بالكمية.
الاتفاقية قبل تمديدها كانت تنص على توريد 60 مليار متر مكعب حتى عام 2030 وردت إسرائيل منها بالفعل 23.5 مليار متر مكعب.
يتراوح السعر المعدل في العشر سنوات التي تم تمديدها بين 4.5 و5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، أي 0.16 – 0.18 دولار للمتر المكعب، وهي أقل بنحو دولار ونصف عن العشر سنوات السابقة وفق ما أوردته صحيفة جيروزاليم بوست، استجابة لطلب مصر نتيجة لنقص العملة الأجنبية وانخفاض قدرتها الشرائية.. واستجابت إسرائيل نتيجة لحاجتها إلى تصدير غازها المسال إلى أوربا بسبب الأوضاع الإقليمية المتأزمة حسب الفايننشيال تايمز.
الجيروزاليم بوست قالت إن الدفع سيتم على أقساط وفق عمليات التسليم، أي أن قيمة الصفقة لن تدفع الآن، وليس قبل انتهاء العقد القديم الذي تبلغ قيمته 15 مليار دولار، وهو ينتهي عام 2030 ثم تبدأ الدفعات الجديدة في التدفق وهذا ما ذكرته أيضا رويترز وبلومبرج.
وحذرت الصحيفة من الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر التي قد تؤثر مستقبلا على الصفقة، خصوصا أنها صفقة مستقبلية.
الفايننشيال تايمز ذكرت أن تخفيض السعر كان شرطا أساسيا لمصر للتمديد. وقالت أيضا إن الصفقة تعزز اعتماد إسرائيل على مصر كبوابة لتصدير الغاز المسال، لكن هذا الارتباط يجعلها أيضًا معرضة للأزمات الاقتصادية في مصر.
لو استوردت مصر الغاز من الخليج، كان سيصل إلى أزيد كثيرا من السعر الذي ابتاعته من إسرائيل بسبب القرب الجغرافي وخطوط الأنابيب القائمة.
بينما الاستيراد من السعودية أو قطر أو العراق سيعتمد على الغاز المسال أو أنابيب جديدة، ما يزيد السعر الكلي.
يتم استخراج الغاز من حقلي تمار وليفياثان في شرق المتوسط. يُنقل عبر أنابيب بحرية إلى عسقلان في إسرائيل، ثم عبر خط أنابيب شرق المتوسط (EMG) إلى العريش في سيناء.
من هناك يدخل إلى الشبكة المصرية، ويُستخدم مباشرة في محطات الكهرباء أو يوجَّه إلى محطات الإسالة في إدكو ودمياط لإعادة تصديره كغاز مسال (LNG) إلى أوروبا وآسيا.
هذه الحالة أسهل اقتصاديا لمصر وأقل تكلفة، إضافة إلى أنها تربح من عملية النقل إلى أوروبا وآسيا.
الغاز المسال لو استوردته من السعودية أو قطر أو العراق الغاز يحتاج عمليات تسييل وتخزين وشحن على ناقلات، وهذا مكلف ويضيف حوالي 1.5–2.5 دولار/MMBtu على السعر. أي أن استيراد الغاز من إسرائيل يتجنب التكاليف اللوجستية للتسييل والشحن.
إسرائيل لم تخفض السعر لنا لوجه الله وشفقة من احتمال مواجهة شعبها لأزمة انقطاع الكهرباء، لكنها ستكسب أيضا. اليهودي بطبعه كتاجر لا يمكن أن يقبل الخسارة.
جيروزاليم بوست قالت إن السعر المخفض يظل مربحًا لإسرائيل لأنه أقل تكلفة في النقل والتسليم إلى الأسواق الأوروبية. ولفتت إلى أن معظم الغاز المتدفق إلى مصر يعاد تصديره كغاز مسال (LNG) إلى أوروبا.
وفي هذا الجانب تشير الفايننشيال تايمز إلى أن محطات الإسالة المصرية أصبحت شريانًا رئيسيًا لصادرات الغاز الإسرائيلية إلى أوروبا، خاصة بعد أزمة الطاقة الأوروبية عقب غزو أوكرانيا.
الغاز الإسرائيلي يدخل محطتي الإسالة في إدكو ودمياط. الشركات المالكة للغاز (إسرائيلية/دولية) تدفع لمصر رسوم استخدام المحطات، وهي عادة تُحسب بالدولار لكل مليون وحدة حرارية.
تقديرات السوق تشير إلى أن هذه الرسوم في العقود المماثلة تتراوح بين 1 – 1.5 دولار/
MMBtu
الغاز يمر عبر الشبكة المصرية قبل وصوله إلى الموانئ، وهناك رسوم على استخدام البنية التحتية وخطوط الأنابيب.
بعد الإسالة والنقل، يُباع الغاز المسال في أوروبا بأسعار 9–11 دولار/MMBtu (وفق أسعار 2025).
الفرق في السعر يذهب معظمه للشركات المالكة للغاز، بينما تحصل مصر على رسوم الإسالة والنقل (ربح خدماتي).
وحتى لا يكون الأمر معقدا على بعض المتابعين، الخلاصة أن مصر لا تملك الغاز، لكنها تكسب من دورها كـ”ممر ومصنع إسالة” في شرق المتوسط، وهو ربح ثابت نسبيًا لكنه يعتمد على استمرار الطلب الأوروبي وعلى استقرار الإمدادات الإسرائيلية.
رسوم مصر التقديرية وفق نماذج عقود شبيهة كالتالي:
• رسوم التسييل/إعادة الإسالة (liquefaction/regas tolls): $1.0 – $1.5 لكل MMBtu.
• رسوم شبكة/نقل داخلية إضافية: $0.2 – $0.5 لكل MMBtu.
• إذن إجمالي الرسوم المفروضة على المِمر/الخدمة ≈ $1.2 – $2.0 لكل MMBtu
إجمالي الإيرادات من عام 2025 وحتى 2040 ≈ $5.3 مليار إلى $8.85 مليار على مدى 15 سنة