مِرآةُ الجُثَثِ/للدكتور السورية المبدعة مرشدة جاويش

#مِرْآةُ #الجُثَثِ
عَلَى رُكامِ الدَّمِ يُرْفَعُ العَرْشُ مِن جَديدٍ
وعَلَى جُثَثِ القَتْلَى تُكْتَبُ أَساطيرُ الكَذِبِ
لا فَرْقَ بَيْنَ دِماءِ الأَمْسِ ودِماءِ اليَوْمِ
فالسَّكِّينُ ما زالَتْ تُغْرِسُ في القَلْبِ
والرَّصاصُ ما زالَ يَنْقُشُ عَلَى الجُدْرانِ أَسْماءَ الشُّهَدَاءِ
في هَذا المَسْرَحِ المَسْكونِ بالظُّلْمِ
يُعادُ المَشْهَدُ ويُكَرِّرُ القاتِلُ نَفْسَهُ
صَوْتُ الصُّراخِ يَخْنُقُ الرِّيحَ
والشَّعْبُ يَغْرَقُ في صَمْتٍ مُميتٍ
لا رُوحَ لِلْعَدْلِ ولا جَناحَ لِلرَّحْمَةِ
هُمْ لا يُحاسَبونَ
ولا يَحْلُمونَ بِالنَّدَمِ
يَجْلِسُونَ عَلَى عُرُوشٍ مِن فَمِ لَيْلٍ مَفْتوحٍ
يَبْتَلِعُ أَحْلامَنا كَما تَبْتَلِعُ الهَاوِيَةُ آخِرَ صَدَى
والدَّمُ يَسِيلُ بَطِيئاً كأَنَّهُ طَقْسُ مَوْتٍ مُبارَكٍ
يُمْطِرونَ السَّماءَ بِرِصاصِهِم
ويَزْرَعونَ الأَرْضَ بِالجُثَثِ
ولا سِفْرَ لِلْمِيزانِ في دَفْتَرِ الغِيابِ
فَالدُّنْيا تَمْشي فَوْقَ جُثَثِنا
لا تُعِيرُنا نَظَراً ولا تَلْتَفِتُ إِلى نَحيبِنا
هُمْ سادَةُ الظَّلامِ
والشَّعْبُ أَسْرَى الظِّلالِ
لا جَديدَ تَحْتَ الشَّمْسِ
سِوَى رائِحَةِ الدَّمِ القَديمَةِ
والكَلِماتُ الفارِغَةُ الَّتي لا تَسُدُّ جُرْحاً
ولا تَمْحو وَجَعاً
وفي النِّهايَةِ
كُلُّهُمْ وَجْهٌ واحِدٌ
كُلُّهُمْ لِسانُ نارٍ وقَلْبُ حَجَرٍ
والدَّمُ يُنادِي مِن تَحْتِ التُّرابِ
لا فَرْقَ بَيْنَ القَتَلَةِ
فَالحُكْمُ مُكَرَّرٌ
والقَتْلُ هُوَ الحِكايَةُ الوَحيدَةُ
الَّتي تُطْفِئُ الفَجْرَ قَبْلَ أنْ يُولَدَ
وتَزْرَعُ في فَمِ الزَّمَنِ طَعْمَ التُّرابِ
#مرشدة #جاويش