فراج إسماعيل يكتب :قمة ترامب بوتين تحت شمس منتصف الليل

ألاسكا التي ستعقد فيها قمة ترامب بوتين يوم الجمعة تمثل نموذجاً لشراء أراض أو نقل ملكيتها من دولة لأخرى.
لماذا اختار ترامب القاعدة الأمريكية في هذا المكان ليعقد قمته مع بوتين حول أوكرانيا؟!.. هل ذلك غباء منه وذكاء من الثعلب الروسي؟..
سيقول له بوتين أن ملكية أراضي الدول قابلة للإنتقال مثل ابتياع شقة من مالكها. ألاسكا باعتها الأمبراطورية الروسية للولايات المتحدة قبل 158 عاما.
تستضيف أنكوريج في ألاسكا القاعدة العسكرية الأمريكية إلمندورف ريتشاردسون التي ستشهد قمة ترامب بوتين. وحسب سكاي نيوز البريطانية تضم القاعدةأكثر من 32 ألف شخص، أي نحو 10 في المائة من سكان أنكوريج.
خلال الحرب الباردة، اعتُبرت القاعدة «ذات أهمية خاصة» في الدفاع عن الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي.
تتميز المنطقة بجبال خلابة مُغطاة بالثلوج، وبحيرات، وأنهار، وأنهار جليدية، وحياة برية وفيرة.
يقول موقع الاسكا نيوز سورس إن مشتريات الولاية أو الحركة الاقتصادية زادت بسبب القمة المرتقبة.
ونقل الموقع عن النائب الجمهوري نيك بيجيتش، من ولاية ألاسكا، إن السياق التاريخي لشراء الولايات المتحدة لألاسكا من روسيا يجعل بوتين يشعر “بالتشجيع” لوقف الحرب.
أهمية جغرافية المكان تؤدي إلى أهمية ما سيطرحه ترامب على بوتين. لم يكشف في تصريحاته عما يدور في ذهنه أو ما وضعه مستشاروه على الورق، إلا أن موقع KTOO الذي يصدر من ألاسكا توقع ذلك بالربط بين ألاسكا التي كانت أراض روسية في الماضي وبين تصريح ترامب بأنه ليس متأكداً مما قد ينطوي عليه اتفاق السلام طويل الأمد، لكنه من المرجح أن يستلزم “بعض التبادل … بعض التغييرات في الأرض”.
خسرت روسيا حربًا في شبه جزيرة القرم في خمسينيات القرن التاسع عشر، تاركةً البلاد غارقةً في الديون. ولتخفيف هذا العبء الاقتصادي، أبرمت روسيا صفقةً عقاريةً مع الحكومة الأمريكية، باعت بموجبها ألاسكا للأمريكيين.
قمة يوم الجمعة في ألاسكا لمناقشة حرب روسية أخرى صعبة ومكلفة تتعلق بشبه جزيرة القرم، إحدى الأراضي التي استولت عليها روسيا في حربها مع أوكرانيا.
في النظر إلى الجغرافيا السياسية نجد أن ألاسكا نقطة التقاء بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث يفصل بينهما مضيق بيرينج مسافة 55 ميلًا فقط. ولكن إلى جانب الجغرافيا، هناك أيضًا رمزية وتاريخ مشترك آسر وفق ما أورده موقع Whro وهو منصة إعلامية أمريكية مقرها في ولاية فيرجينيا، في مدينة نورفولك.
كانت ألاسكا مستعمرة روسية كاملة من عام 1799 إلى عام 1867. ويشير بعض الروس، بمن فيهم مبعوث الكرملين كيريل دميترييف، إلى تلك الفترة على وسائل التواصل الاجتماعي، ناشرين صورًا لكنائس أرثوذكسية روسية، بقبابها البصلية، التي بُنيت في ألاسكا في القرن التاسع عشر ولا تزال قائمة.
قمة ألاسكا تمثل رحلة من الجليد إلى السياسة عبر التاريخ. ألاسكا ولاية هي الأكبر مساحة بين الولايات المتحدة، وتقع في أقصى الشمال الغربي من أمريكا الشمالية، منفصلة عن باقي الولايات، وتجاورها كندا من الشرق، ويحدها المحيط المتجمد الشمالي من الشمال، والمحيط الهادئ من الجنوب.
وهي أيضًا أبرد ولاية أمريكية… لكن رغم ذلك، في الصيف قد تجد فيها أيامًا مشمسة ودافئة بشكل مفاجئ.
وفبها ظاهرة شمس منتصف الليل والليل القطبي في الشتاء في مدينة بارو (أوتكياجفيك)، في الجزء الشمالي. بقية ألاسكا، وخاصة الجنوب، ليست قطبية، بل تتمتع بمناخ بارد معتدل أو شبه قطبي، وبعض المناطق الساحلية في الجنوب الشرقي معتدلة نسبيًا مقارنة بالشمال.
وفق أحدث تقديرات مكتب الإحصاء الأميركي لعام 2024، يبلغ عدد سكان ألاسكا حوالي 733 ألف نسمة فقط، وهي بذلك ثالث أقل ولاية أميركية من حيث عدد السكان بعد وايومنج وفيرمونت، رغم أنها أكبر ولاية مساحةً.
الكثافة السكانية فيها منخفضة جدًا. في بعض المناطق قد تجد مسافات شاسعة بين التجمعات السكنية.
ليست غنية اقتصاديا ولكنها غنية بالموارد الطبيعية، كالنفط والغاز حيث هناك إنتاج ضخم من حقول برودهو باي وغيرها، ويمثل جزءًا كبيرًا من دخل الولاية.
• المعادن: ذهب، فضة، زنك، ونحاس.
• المصايد البحرية: ألاسكا من أكبر منتجي المأكولات البحرية في الولايات المتحدة (سلمون، كابوريا، إلخ).
• السياحة: تعتمد على طبيعتها الفريدة (الأنهار الجليدية، الحياة البرية، رحلات السفن السياحية).
تكاليف المعيشة مرتفعة بسبب بعد الولاية وصعوبة النقل.
التاريخ الذي سيقرأه بوتين قبل السفر إلى ألاسكا أن بلاده باعتها عندما افتقرت اقتصاديا واحتاجت إلى المال، باسم “صفقة ألاسكا” أو Alaska Purchase مقابل 7.2 مليون دولار (أي ما يعادل تقريبًا سنتين لكل فدان حينها). المفاوضات قادها من الجانب الأمريكي وزير الخارجية ويليام سيوارد، ومن الجانب الروسي وزير مفوض روسيا في واشنطن. وقتها سخرت كثير من الصحف الأمريكية من الصفقة وسمّوها “حماقة سيوارد” (Seward’s Folly) لأنهم ظنوا أن الأرض مجرد صحراء جليدية بلا فائدة… حتى اكتشاف الذهب والنفط لاحقًا.