طب ودواء

د.محمود يونس يكتب :المنطقة الرمادية… رسائل ما قبل السكر ومقاومة الإنسولين”

عادة ، الجسد لا يصرخ فجأة.
بل يهمس أولًا… يرسل إشارات صغيرة، علامات خفيفة قد لا نلتفت إليها.
هذه الإشارات هي ما نسمّيه (مرحلة ما قبل السكر). إنها ليست مرضًا كامل الأركان، لكنها ليست صحة كاملة أيضًا. إنها منطقة رمادية، أشبه بسماء تميل إلى الغيم، تنذر بالمطر قبل أن ينزل.
في هذه المرحلة، سكر الدم يكون أعلى من الطبيعي، لكنه لم يصل بعد إلى الحد الذي يُشخّص به داء السكري.
والأمر الأخطر؟ أن كثيرين يعيشون هذه المرحلة لسنوات دون أن يعرفوا، حتى يأتي يوم يكتشفون فيه أن السكري قد بدأ.
# مقاومة الإنسولين… الباب الخفي
الإنسولين هو المِفتاح الذي يفتح أبواب خلاياك لتسمح للسكر بالدخول، فيتحوّل إلى طاقة.
لكن أحيانًا، تتراجع حساسية الخلايا للإنسولين تدريجيًا،… كأن الأبواب لم تعد تعرف المفتاح.
حينها، يظل السكر عالقًا في الدم، والإنسولين يزداد… يطرق ويطرق، لكن دون جدوى.
هذه الحالة تُسمّى –مقاومة الإنسولين–
تمثل مقاومة الإنسولين الآلية الأساسية غير المرئية التي تقود إلى حالة ما قبل السكري.
قد لا تشعر بها مباشرة، لكنها تعمل في الظل، تُرهق البنكرياس، وتدفع الجسم نحو اختلال التوازن.
= لماذا تحدث؟
— زيادة الوزن خاصة حول البطن
— قلة الحركة
— التغذية المليئة بالسكريات والدهون المشبعة
— التوتر المزمن وقلة النوم
— عوامل وراثية تجعل بعض الأجسام أكثر عرضة
# الرسالة التي يهمس بها جسدك
إذا كنت في مرحلة ما قبل السكر أو لديك مقاومة إنسولين، فهذا ليس حكمًا نهائيًا، بل يمكن اعتباره إنذار مبكر.
هي فرصة ذهبية لتعيد التوازن قبل أن يتغيّر الطريق إلى الأسوأ.
ببعض التغييرات البسيطة، يمكن أن يعود سكر الدم إلى طبيعته، وتستعيد خلاياك حساسيتها للإنسولين.
# خطوات العودة إلى الطريق الصحيح
—-تحريك الجسد: 30 دقيقة من المشي السريع أو أي نشاط تحبه، معظم أيام الأسبوع.
—تغيير المائدة: تقليل السكر الأبيض والخبز الأبيض والمشروبات الغازية، وزيادة الخضار، الحبوب الكاملة، والبروتين الصحي.
—- إنقاص الوزن تدريجيًا: حتى 5-7% من وزنك قد يُحدث فرقًا كبيرًا.
— النوم الجيد: لأن التعب المزمن يزيد مقاومة الإنسولين.
— الهدوء النفسي: مارس التأمل أو التنفس العميق أو أي نشاط يخفف توترك.
# كلمة أخيرة

مرحلة ما قبل السكر ليست عدوًا جاءك فجأة، بل ضيف يطرق الباب بهدوء.
إن تجاهلته، قد يفرض نفسه بالقوة.
لكن إن استقبلته بفهم ووعي، وأعدت ترتيب حياتك، يمكن أن يغادر قبل أن يترك أثرًا.
جسدك لا يخونك… إنه فقط يتألم و يطلب منك أن تسمعه قبل أن يصرخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى