رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :الدكتاتوريات المنحطة

النظم العربية الدكتاتورية والقمعية من أكثر نظم القمع في العالم غباءً وتخلفاً حتى في أساليب القمع،
وتركض خلف مواطن هو عبارة عن انقاض يخاف من ظلاله ومن احلامه ومن صورته في المرآة ومن جرس الهاتف ومن طرق الباب في الليل ومن انفجار اطار سيارة في الشارع وقت الظهيرة ومن صرخة ومن عفطة عنز ومن توقف سيارة مضببة الزجاج فجأة قربه،
ويصاب بالرعب من دعوته الى مركز شرطة دون معرفة السبب ويخاف من نظرة رجال الامن ورجال الشيخ ورجال الوالي ورجال الدرك ورجال الدين ورجال الليل ،
ويرعبه صوت بلبل في الفجر لأنه برمج على الانفجارات والمفخخات وصار يقلق من الموسيقى ويكره لوحات الطبيعة والاغاني ويعشق حفلات الجلد الذاتي لانه برمج من لحظة الخروج من الرحم على العمل كرقاص ساعة سويسرية وبلغة السواق يعمل نكرة سلف بلا اكراه ولا بطيخ بعد أن زرعت عشرات السلط في داخله من الولادة حتى الموت وصار يتصرف كمؤسسة أو سجن متنقل ويعرف الممنوع والمرغوب والمسموح والملغي مثل أي ببغاء ملقن.
هذا المواطن، السمل، الانقاض، الشبح، ما الذي يجعل سلطة تحسبه معارضاً وتحسب له ألف حساب وهو لا يستطيع ليس فقط تغيير سلطة بل يعجز عن غلق حنفية الماء التي نساها وتصليح غطاء الصرف الصحي وتبديل جواربه وبالكاد يتشطف على ترعة بحجارة أو جريدة سياسية، ويجد نفسه في حوار داخلي منلوج أمام أي مطعم ومحلات أحذية ويحسب كم صرف من الراتب وكم بقي وهل يملك أجرة العودة الى المنزل أم لا.؟
هذا المخلوق الذي تمت سرقة حياته واحلامه وشرفه لان المصير شرف وليس شرف القبيلة المختزل، هل يستحق ان تكرس نظم القمع كل هذه الاجهزة والامن والمخابرات والعسس في كل مكان مع الكاميرات وهو يصاب بالرعشة والصدمة والرعب والامساك والتعرق وخفقان القلب وتيبس المفاصل من ظهور بزون قط فجأة أمامه في الشارع منتصف الليل أو سقوط ظل عمود الانارة فوقه لانه تم خلق المواطن أو الطريدة الهاربة؟
هذا الخردة السكراب لا يحتاج الى سلطة تراقبه بل هو يقوم بالدور في مراقبة وعيه ولا وعيه حتى لو كان في سرير او حمام او صحراء ، وصار يتخوزق بمحض ارادته لا اكراه ولا بطيخ بلغة مظفر النواب.
ماذا تريد هذه النظم الغبية من هذا المخلوق المنفى داخل جلده وداخل ذاته وداخل منزله وداخل روحه؟ ماذا في هذا البشر المتحول الى انقاض لكي يخيف سلطة تملك جيشا وشرطة ومخابرات وحلفاء في الخارج ودبابات وطائرات وبعران وبنادق وصوندات وخوازيق وسجون؟
وعلى أي شيء يشكل هذا الأسير خطراً؟ على الأمن القومي المستباح؟ على السيادة المصادرة؟ على الثروة المسروقة؟ على الأرض المحتلة؟ على المستقبل المجهول؟
دعوا هذا الخردة يمشي كالمسرنم الماشي في النوم أو بسبب هذا الغباء السلطوي ومع تراكم الذل والوجع والقهر واليأس إما يُجن أوينتحر بهذه السلط الأكثر غباء من أي فاشية ودكتاتورية.
هذا الكائن المستلب ولو سقط ميتا في الشارع بنوبة قلبية أو جلطة دماغية، فهذا الموت انتحار واغتيال والقاتل النظام لانه يعيش في اوطان غير صالحة للحياة طبيا وسياسيا واخلاقيا واقتصادياً ونفسياً. لا موت طبيعيا في العالم العربي بل اغتيالات صامتة بخلق ظروف وبيئة وأمكنة للموت السري.
الدكتاتوريات العربية عكس دكتاتوريات أوروبا والعالم، لم تخلف شيئاً كما في روسيا وايطاليا والمانيا وغيرها،
الدكتاتور العربي وضيع وأبله وغبي وأمي ثقافياً ويحفر قبره بيده عندما يعتقد ان حلفاء الخارج سينقذونه يوما ونسي انه موجود لانهم تخلوا عن حليف سابق وتخلوا عنه كالجرذ الميت ــــــــــــ عبارة قالها محمد رضا بهلوي الامبراطور الايراني عندما رفضت الولايات المتحدة منحه اقامة وهو شرطيها في الشرق الأوسط.
من يعتقد ان دكتاتورا عربيا سيستمر خلال عشر سنوات هو أغبى من الدكتاتور لأن الحلفاء بحاجة الى تجديد الاحذية والملابس الداخلية بعد أن تتهرأ وتفوح عفونتها ويحين وقت قطع الرأس والحفاظ على النظام أو تحمل ثورة شعبية وهذا خط أحمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى