رؤي ومقالات

د. فيروزالولي تكتب: سفير بلا حدود… وفارس بلا فرامل!

المشهد الأول: تشاور… بس وين؟

في نشرة ليلية مريبة، أعلنوا أن سفير اليمن في لبنان، عبدالله الدعيس، قد تم استدعاؤه للتشاور.
إلى أين؟ الجواب معلّق بين عدن والرياض.
لكن المثير للدهشة أن وجهته كانت… القاهرة!

وليس لأي غرض دبلوماسي حقيقي، بل – بحسب مصادر تشرب القهوة على حساب النفقات التشغيلية –
للإشراف على العمارة الخاصة به هناك.

تشاور؟ نعم، مع مهندس المقاولات والمحاسب العقاري.
أما الدولة، فقد دفعت له ٢٤ ألف دولار، تحت بند:

“مصاريف تشاور رسمي”
فيما الحقيقة تقول:
“نفقات متابعة مشروع خاص”

المشهد الثاني: فارس… فارس بلا فرامل

في قلب بيروت، تحرّكت سيارة السفارة الرسمية…
لا بقيادة موظف… ولا حتى سائق معتمد،
بل بقيادة فارس عبدالله الدعيس، نجل السفير.

فارس قرر خوض تجربة القيادة الدبلوماسية – بلا تفويض، بلا رخصة، وبلا فرامل.
والنتيجة؟
حادث مدوٍّ بسيارة الدولة.

المذهل؟

لم يتم التحقيق

لم تُسجَّل مخالفة

لم يُسأل فارس
بل تم تحميل المسؤولية على “ابن عمه”… بطريقة تشبه توزيع المناصب في بعض الوزارات!

أما السيارة؟
أُتلفت بصمت، كأنها ورقة فساد بعد استقالة حكومة.

المشهد الثالث: رحلة القاهرة… من حساب الشعب

بينما كان الاستدعاء موجّهًا إلى عدن أو الرياض،
اختار عبدالله الدعيس أن يتجه إلى القاهرة.

ولأن البيروقراطية مرنة جدًا مع الكبار،
تم تغطية الرحلة بكاملها – تذاكر، إقامة، مصاريف – ضمن ما يسمى:

“نفقات إقامة خلال فترة الاستدعاء”

المبلغ؟
12,000 دولار إضافية.
المهمة؟
متابعة أعماله الخاصة، على نفقات الدولة.

تم توقيع المطالبات، سُوّيت العهدة، وتم تحويل الأموال من الحساب العام إلى “الدخل القنصلي” في البنك العربي، بكل احتراف إداري.

المشهد الرابع: مصاريف تشغيل… ولا تشغيل المصاريف؟

هل تعتقد أن مصطلح “مصاريف تشغيل” يعني صيانة السفارة أو أعمالها؟
فكر مرة أخرى…

في قاموس بعض السفارات، “التشغيل” يعني:

تذاكر سفر عائلية

كوبونات بنزين للبيت

عزومات موسمية

ورشات عطر تضامنية مع المواقف السياسية!

بل هناك بند فعّال جدًا:

“دعم موقف سياسي”
عبارة عن مبلغ يُصرف عند توقيع ورقة تأييد، بصرف النظر عن تأثيرها… يكفي أنها مختومة ومكتوبة.

لمشهد الخامس: عبدالله الدعيس… دبلوماسي من مدرسة الصمت المُربح

في ختام المسرحية، يظهر بطلنا عبدالله الدعيس، الرجل الذي:

لم يعترض على الاستدعاء

لم يعلّق على الحادث

لم يشرح سبب وجوده في القاهرة

ولم يُسأل أصلًا

لكنه خرج بـ:

٢٤ ألف دولار “تشاور”

١٢ ألف دولار “إقامة”

وتسوية كاملة لكل شيء… فقط لأنه وقّع.

– الستار الأخير: والمواطن يدفع الثمن

في هذا المشهد الأخير:

فارس يسوق

والده يتشاور في عمارة

الدولة تصرف

والفساد يضحك

والمواطن؟
يجلس أمام الشاشة ويقرأ:
“استدعاء دبلوماسي عاجل لصالح الوطن”

ثم يغلق الخبر… ويقول في سره:

اللهم استرنا من سفير الغرام القادم.

كلمة أخيرة:

السياسة في منطقتنا تحوّلت من مؤسسات… إلى مسرحيات.
وكل من يدخلها يخرج بشيء:

موقف سياسي قابل للبيع

رحلة مدفوعة إلى عاصمة لا علاقة لها بالحدث

أو حادث سير بلا فرامل… ولا عقاب.

وفي كل مرة،
نضحك… نتحسر… وننتظر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى