رؤي ومقالات

سلام مسافر يكتب:فزعة الأوربيين نحو ” الباب العالي”

من غير المعروف فيما إذا كان فلاديمير بوتين سيقبل عرض ترامب عقد اجتماع مع فلاديمير زيلينسكي في وقت قريب. لكن المؤكد ان ” فزعة ” القادة الأوربيين؛ تكلفهم 100 مليار دولار عقود سلاح تشتمل على منظومات الدفاع الجوي الأمريكية ” باتريوت”وإنتاج درونات في مصانع أوكرانية، الرابح الأول منها تاجر العقارات دونالد ترامب الطامع في جائزة نوبل وصار برضى الجميع “الباب العالي” عند الأوربيين حتى ولو خسروا أمولهم واشتروا الغاز الصلب من الولايات المتحدة بسعر أغلى من السائل الروسي.
يظهر اللقاء في البيت الأبيض مع الزعماء الأوروبيين، مدى السطوة الأميركية على قيادات ورثت زعماء لمعت في الذاكرة العالمية، أمثال ديغول وبرانت وميركل و كرايسكي وشيراك وغيرهم، حين كانت واشنطن تتعامل معهم بندية ولا تستدعيهم الى البيت الأبيض كموظفين لديها، تحترم إراداتهم ومنهم من عارض سياسة الادارات المتعاقبة في القضية الفلسطينية وواجه بشجاعة هيمنة اللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي.
ستمّول واشنطن الحرب بيوروهات وذهب الأوربيين وسيسقط القتلى في ساحات بعيدة لا تعني الدول الممولة إلا بحدود استنزاف روسيا، وتقزيم ثاني دولة في القارة الأوربية بعد روسيا، مساحة وسكانا وجعل أوكرانيا دولة كسيحة تعتمد كليا على التحالف الانغلوسكسوني المسمى ناتو. فالعواصم الأوربية أصلا لا تريد لكييف عضوية كاملة في حلف شمال الاطلسي؛ ما يعني انتقال الثقل نحو شرق أوروبا؛الأمر الذي يمس معادلات جيوسياسية يحرص الغرب على الاحتفاظ بها لأسباب سياسية واقتصاديّة وثقافية وحتى مذهبية فغالبية الأوكرانيين أرثوذكس ومثلهم فِي أوروبا الشرقيّة كثيرون.
حقق ترامب في الطاولة البيضاوية مع الأوربيين ما لم يحققه مع بوتين وجها لوجه في ألاسكا؛ فقد حصل على ضوء أخضر من حلفاء زيلينسكي ومموليه على التفاوض مع بوتين نيابة عنهم؛ وعليه ان يلبى طلبات من يدفع لاستمرار الحرب. خروج ترامب من قاعة الاجتماع للاتصال بالرئيس الروسي وقطع المباحثات لمدة 45 دقيقة، لم تكن مجرد حركة استعراضية،وإنما المؤشر الأوضح على تسليم ملف الحرب كاملا بيد الرئيس الأميركي بكل تقلباته وتعاملاته مع السياسة على انها مجرد بيع وشراء و أرباح لا اكثر.
توقع مراقبون عشية اجتماع ترامب مع زيلينسكي، جولة ثانية من الاهانات، كما في اللقاء الأول مطلع العام و اعتبر أكبر فضيحة في تأريخ الدبلوماسية، حين تكالب الرئيس الأميركي ونائبه على زيلينسكي ونعتوه بانه ناكر للجميل. لكنه تعلم الدرس هذه المرة، وكرر عشرات المرات كلمة ” شكرا “مثلما كال زعماء أوروبا المديح لترامب؛ خاصة الإيطالية جورجا ميلوني، وكانت تقهقه بصوت عال على الطريقة الإيطالية الصاخبة.
من يضحك أخيرا يضحك كثيرا. للأسف ليس في الحروب ضاحك غير من يقف بعيدا عن نيرانها ويدفع بها للاشتعال على حساب الغرباء.
سلام مسافر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى