حسام السيسي يكتب :المعالجة الإعلامية لواقعة القنصلية المصرية في نيويورك

المعالجة الإعلامية لواقعة القنصلية المصرية في نيويورك بدت وكأنها صادرة من أجواء الستينيات، لا من مشهد معاصر يُفترض أنه يعيش في عصر تدفق المعلومات والشفافية. الطريقة التي قُدِّم بها الحدث، على المنصات المختلفة، كشفت مدى هشاشة ما تبقّى من المصداقية الإعلامية، حتى على المنصات التي ما زالت تحاول التماسك.
بدلًا من مهنية دقيقة تعكس حجم الموقف، انزلقت التغطيات إلى هرطقات اللجان الإلكترونية، وتعددت الروايات المتناقضة، في صورة تفضح العجز البنيوي للإعلامنا..
هذا الموقف لا يفضح عجز الإعلام وحده، بل يُعرّي هشاشة الدولة في الداخل والخارج معًا. مصر تمرّ بأسوأ لحظاتها سياسيًا ودبلوماسيًا، والإعلام الذي يُفترض أن يرمم الصورة، أصبح يضاعف الانكشاف.
المطلوب اليوم ليس مجرد إصلاح شكلي، بل إعادة ترتيب شاملة للأوراق:
إبعاد الوجوه التي فشلت في إدارة الملف الخارجي، وعلى رأسها بدر عبد العاطي الذي بات جزءًا من الأزمة بدلًا من أن يكون جزءًا من الحل.
استعادة عقل إعلامي قادر على إدارة الأزمات باحترافية، لا بخطاب خشبي متهافت.
المعارضة في الخارج لن تُسقط النظام، لكن التعامل العصبي المرتبك معها يكشف حجم هشاشته. الخوف من فقدان السيطرة هو ما يجعل الأيدي مرتعشة، ويضاعف حالة الارتباك بدل أن يحتويها.
الاستمرار بهذه العقلية يعني أن مصر تتجه إلى القاع بسرعة صاروخ إيراني “هايبرسونيك” . الأخطر من الأخطاء ذاتها هو الانفجار المحتمل: استمرار هذا النهج قد يقود إلى انهيار شامل يأكل ما تبقى من الدولة والمجتمع معًا.
التجريف أصاب كل شيء: السياسة، الثقافة، الإعلام، والروح العامة. الإنقاذ لن يأتي إلا بشجاعة الاعتراف، وإرادة جادة للتصحيح، قبل أن نصحو على مشهد لن يبقى فيه ما يمكن إنقاذه أصلًا.