كتاب وشعراء

صلّيتُ كثيرًا….بقلم بسام المسعودي

صلّيتُ كثيرًا،
لا لأبلغ مقام الطهارة،
بل لأستر ارتعاشي من عينٍ أبديةٍ
تقرأ ما يتصدّع في أعماقي.
خشيتُ أن يلقاني الله كما أنا:
هامشٌ محذوف من سفر الرحمة،
جرحٌ يتذكّر نفسه،
وروحٌ مثقوبة تمشي وحيدةً بين الركام.
كنتُ أركع
كي لا يتسع الفراغ في داخلي،
وأهوي إلى السجود
كما تهوي نجمةٌ مذعورةٌ
في ليلٍ بلا مرفأ.
كنتُ أمدّ يدي،
لا التماسًا للسماء،
بل خوفًا أن يذبل صوتي
في قاع العدم.
في كل تكبيرةٍ
يتدحرج ثِقلي على بابٍ موصد،
وفي كل دعاءٍ
كان صداه يردّني إليّ
كمن يطرق قلبه
ولا يفتح له أحد.
كأنّ السماء اعتادت الهرب من ضعفي،
وكأنّ الغفران
صار قناعًا للغياب.
صلّيتُ،
لا لأنني أملك يقينًا،
بل لأن روحي ارتجفت من سؤالٍ يتيم:
ماذا لو تركني الله،
كما تتركني الأرصفة عند الغروب؟
يا الله،
أنا ظلّك المنكسر،
أنا ندبةُ الطين التي لم يكتمل خلقها،
أنا ارتجاف الماء
حين يهاب وجه الريح.
أتيتُك لا بزادٍ ولا ببرهان،
أتيتُك فقط،
كي لا أُترَك وحيدًا
في صمتك العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى