رؤي ومقالات

د.فيروزالولي تكتب :”عمو رشاد”.. يوسف النجار في ورطة وطن: من كراسي القيادة إلى كراسي المقاهي التجارية!

حين تفكّر في رشاد العليمي، لا تتخيله رجل دولة بقدر ما تراه كـ”نجم عروض سياسية موسمية”، يتنقل بين الخليج وعمّان كمن يتنقل بين صالات VIP في مهرجانات لا يحضرها الجمهور. المشكلة ليست في الحضور، بل في أن كل ما يلمسه يتحول إلى حفلة فساد جماعي، ومأساة وطنية مكتومة بالصمت.

في هذا المقال، نُسقط الستار عن “كواليس مهرجان العليمي”، حيث المنظمات واجهات، والكهرباء تُشترى من سفن عائمة، والمساعدات تُباع، والسفر بدلٌ مدفوع والثورة.. مجرد ترند على تويتر.

أولاً: منظمات “نعمة” الخيرية.. حين يصبح التهريب عملاً إنسانيًا!

في بلد ينهار فيه القطاع الصحي، ويعيش نصف السكان تحت خط الفقر، قرّر رشاد العليمي أن يُطلق مؤسسة إنسانية تدعى “نعمة” ترأسها ابنته فاطمة، ويشارك فيها شقيقها ومدير مكتبه. المدهش؟ أن المؤسسة تحولت من منصة خيرية إلى منصة لوجستية لتهريب “كل شيء عدا الرحمة” — من المخدرات إلى قطع الطائرات المسيّرة، مرورًا بالمساعدات التي لم يرها المواطن إلا في التقارير الصحفية[^1][^2].

ميناء المعلا — أحد أبرز منافذ عدن — أصبح بوابة خلفية لهذه المؤسسة، تُمرّر عبره شحنات لا تمر على الجمارك، ولا تُراجع من الرقابة. كل هذا يتم باسم “العمل الإنساني”، الذي يرفع العليمي شعاره بينما يضع يده في جيب الدعم الخليجي.

ثانيًا: عقود الطاقة.. إذاعة الإنفاق من على ظهر السفينة العائمة!

تخيّل أن دولة بلا كهرباء تدفع ملايين الدولارات لسفينة عائمة لتوليد الطاقة، لكن الأدهى أن المبالغ تُصرف كمقدمات قبل التشغيل، وبإعفاءات جمركية وضريبية، وفقًا لما كشفه تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة[^3].

ثم تأتي الصفقة الأكبر: عقد مع شركة صينية لتشغيل محطة مصافي عدن بمبلغ 180 مليون دولار، دون حاجة حقيقية، بل ودون أي شفافية. وهنا، يتحول السؤال من: “هل هناك فساد؟” إلى “هل هناك مشروع واحد بلا فساد؟”.

ثالثًا: نثريات السلام.. وفد بـ 746 ألف دولار لمؤتمر لم يُعقد!

رشاد العليمي لم يكتفِ بالعبث بالمؤسسات، بل وسّع اللعب ليشمل جولات خارجية بطعم “النثريات الدبلوماسية”. في تقرير خاص، كُشف أن وفدًا رئاسيًا مكوّنًا من 45 شخصًا شارك في فعالية سلام بلندن، تم تخصيص مبلغ 746 ألف دولار له كـ “بدل سفر ونثريات”، رغم أن السلطات البريطانية لم تعترف أصلًا بالفعالية كمؤتمر رسمي[^4].

أي سلام هذا الذي يُصرف لأجله الملايين، بينما يموت الناس بسبب انقطاع الدواء والكهرباء؟ أم أن “السلام” بات منتجًا فاخرًا يُسافر به نخبة العليمي، بينما يكتفي الشعب بسلام الفقر والبنادق؟

رابعًا: تركة عائلية من الشركات والعقارات.. رشاد العليمي (Inc.)

في زمن الحرب، ينكمش الاقتصاد بينما تتضخم إمبراطوريات رجال السلطة. رشاد العليمي — وفق تقارير[^5] — يملك أسهمًا في شركات شحن، قطع غيار، كهرباء، جامعة خاصة (تونتيك الماليزية)، أكاديميات، مطاعم، منتجعات، عمارات، وشركات في جزر بنما للتهرب الضريبي.

ابنه، بحسب التحقيقات، يدير نحو 17 شركة وهمية خارج اليمن. أما المساعدات السعودية التي وصلت إلى القصر الجمهوري في حضرموت؟ فتم بيعها — نعم، بيعها! — من قبل العليمي لأحد التجار يدعى “باحكر”، بما في ذلك مولدات كهرباء قُدمت كهبة[^6].

القضاء؟ نائم على ضفة صفقات مشبوهة.
الإعلام؟ مشغول بالبث المباشر من “كافيه عالساحل”.
والمواطن؟ يعيش في نكتة لم يضحك منها أحد.

خامسًا: رئيس بثلاثة ملايين ريال سعودي شهريًا.. من ميزانية من؟

في بلد ينهار اقتصاديًا وتُدفع الرواتب بالقطارة (أو لا تُدفع أصلًا)، يتقاضى رشاد العليمي ما يصل إلى 3 مليون ريال سعودي شهريًا (أكثر من 800 ألف دولار) كمخصصات، وفقًا لتقارير يمنية وسعودية متعددة[^7].

مصادر أخرى تشير إلى أن راتبه قد يصل إلى 1.2 مليون ريال سعودي، في حين يتقاضى كل عضو في مجلسه نحو 800 ألف ريال سعودي. كل هذا من ميزانية تدفعها السعودية، بينما المواطن اليمني يبيع مقتنياته ليشتري وجبة أو دواء.

في وقت لا يتجاوز فيه راتب الطبيب اليمني 100 دولار، يتقاضى رئيسه ما يعادل ميزانية مستشفى كامل، بلا نتائج تذكر سوى الجولات، واللقاءات، وصور الابتسامة أمام أعلام الخليج.

النتيجة الساخرة:

في اليمن، لا تحتاج إلى لجنة مكافحة فساد، بل إلى لجنة كوميدية دولية لفك شيفرات هذا العرض السياسي الهزلي. رئيس المجلس الرئاسي يُدير البلد وكأنها شركة مساهمة: الشعب فيها موظف مؤقت، والمساعدات بند أرباح، والسلام بند نثريات.

خاتمة

يا رشاد، لا بأس أن تكون سياسيًا فاشلًا، لكن أن تكون مهرّجًا بميزانية دولة؟ هذه موهبة لا تُكتسب، بل تولد مع أصحابها.

البلد الذي يحتاج ماءً نقيًا، كهرباءً دائمة، ومستشفيات لا تحقن مرضاه بمياه الصرف، لا يحتمل المزيد من الخطب والبيانات. اليمن لا يحتاج إلى مهرجان “نعمة”، بل إلى نعمة حقيقية: أن يتوقف العبث، ولو للحظة.

المراجع والحواشي:

[^1]: تقرير الأمناء نت عن مؤسسة “نعمة”: https://al-omana.net/news206225.html

[^2]: تفاصيل تهريب باسم “الأعمال الإنسانية” – موقع العين الثالثة: https://www.3rd-eye.net/news/2342

[^3]: تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة – الرئاسة اليمنية (موقع غير رسمي): https://www.presidentalalimi.net/news1533.html

[^4]: تفاصيل بدل السفر – الأمناء نت: https://al-omana.net/news232879.html

[^5]: التركة التجارية لعائلة العليمي – صحيفة 26 سبتمبر: https://www.26sep.net/index.php/local/54298

[^6]: واقعة بيع مساعدات سعودية – نفس المصدر أعلاه.

[^7]: تفاصيل رواتب مجلس القيادة الرئاسي – صحيفة النداء: https://www.alndaa.net/index.php/posts/45544
[^8]: تسريبات صالح الحنشي عن راتب العليمي: https://www.motabaat.com/2024/12/03

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى