مصطفي السعيد يكتب :الخلاف على اقتسام سوريا مع تركيا سبب رئيسي لضرب قطر

لا يمكن تغافل خلاف الكيان مع تركيا حول حصص كل منهما في اقتسام سوريا، ومن بين هذه الخلافات وأبرزها الموقف من الأكراد، حيث ترى تركيا ضرورة تصفية قوات “قسد” الكردية” بينما ترى إسرائيل ومعها أمريكا على أهمية الإبقاء على “قسد”، لتكون ممرا تحو شمال سوريا وشمال العراق وصولا إلى أذربيجان الحليفة لكل من الكيان وتركيا، ليصطدم مشروع تركيا الكبرى مع مشروع إسرا.ئيل الكبرى. يرى الكيان أن تركيا لم تلتزم بتعهداتها كاملة، وأن تركيا تريد ابتلاع سوريا بكاملها عدا شريط ضيق جنوب سوريا، وأنها متلكأة في حصار لبنان، وإجبار الحزب اللبناني على تسليم سلاحه عن طريق هجوم مشترك على لبنان من الشمال والجنوب، وتضع تركيا شرط تفكيك قوات “قسد” الكردية” أولا، وهو ما يضع أمريكا والكيان في مأزق، لأن التخلي عن “قسد” يتعارض مع خطط الكيان، وممر داود الذي تراه ضروريا لاحتواء إيران، بينما ترى تركيا أنه شرط ضروري لتضمن إنهاء تركيا للملف الكردي المقلق، الذي تراه خطرا عليها، لأنها تضم أكبر عدد من الأكراد في جنوب وشرق تركيا .. هذا الخلاف أدى لمناوشات عسكرية، وقصفت إسرائيل مراكز لقوات تركية في سوريا، وتعبر عن قلقها من توسع تركيا في إنشاء قواعد عسكرية في سوريا، وإعادة تشكيل الجيش السوري بأسلحة تركية وقيادات موالية لها، وتتوسع في الإنتاج العسكري الخاص. الكيان لا يثق في أحد مهما كان مقربا ومتعاونا معها، فهي تخشى من أي تقلبات سياسية يمكن أن تهددها في المستقبل، ولديها وقائع تاريخية مثل الإطاحة بالشاه الحليف لإسرائيل في إيران، والذي كانت أمريكا وأوروبا ساعدتاه في مشروعه النووي السلمي، وهناك أيضا حماس التي كان الكيان يأمل أن تكون ذراعه في غزة، وتقضي على المنظمات المسلحة المناوئة، ولهذا اعترضت على المشروع النووي السعودي، وكذلك إمداد الإمارات بأسلحة متطورة، منها إف 35. إن ضربة العاصمة القطرية ليست موجهة إلى قطر وحدها، بل تحذير ناري إلى تركيا وباقي دول الخليج، لا يرضى الكيان بمجرد الإنبطاح والتطبيع، بل يريد أتباع لا يشاركون لا في الحصص ولا مجرد الرأي، إنها تريد كيان لا ينازعه أو يشاركه أحد، مهما كان قربه من الكيان أو طاعته. هذا جزء مهم في تفسير الضربة الموجهة إلى قطر، والتي لا تحقق مكاسب إستراتيجية إذا نظرنا لها بمعزل عن خطط إسرائيل الكبرى، ونظرتها إلى دور الحكام المطبعين، إنها ترى نفسها قيادة متفردة ووحيدة في المنطقة، بل شريكة في خكم أمريكا والغرب، وتروج لأطروحات أسطورية عن حرب دينية ستقودها في المنطقة بدعم من أمريكا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى، بما يمهد لعودة المسيح واقتراب نهاية العالم، لهذا قال نتنياهو أنا لست مجرد رئيس للكيان، بل رسول. هذا ليس مزحة أو سقطة كلامية، بل دعاية يجري الترويج لها بقوة في أمريكا وأوروبا، ولهذا يصف بعض الأوروبيين القوات الروسية بأنها تضم جنود المسيح الدجال، في دمج بين السياسي والأسطوري الديني. وليس من الصدفة أن نرى تلك التحولات الفكرية، سواء بنمو اليمين الديني في الكيان أو الجماعات المسيحية التوراتية في أمريكا وبعض دول الغرب. هذا الجانب أردت إلقاء الضوء عليه، ورأيت أنه يشكل دافعا لا يمكن تجاهله في الضربة الموجهة إلى قطر، والداعمة للمشروع التركي، رغم تبعية قطر لأمريكا، وتنفيذ ما تؤمر به، لكنها على علاقة أوثق بتركيا الشريكة في إسقاط سوريا، لكن لديها طموحات مستقلة عما يخطط له الكيان مع أمريكا.