ها هي الطرق…..بقلم بسام المسعودي

ها هي الطرق،
تأخذك من بين يديّ
كما لو أني أحمل ماءً
يُفلت من أصابعي في لحظة عطش،
ثم تعيدني إلى زوايا غربتي
أعدُّ حجارة الليل
وألمس الفراغ
كأنني ألمس جسدك الغائب.
أيُّ خيانةٍ هذه
حين تُهملين فساتينك على المشجب
مثل ألوانٍ جفّت في لوحة ناقصة؟
أأنتِ التي علّمتِ الدرب
كيف يشعل خطواته بالرقص،
وكيف يبتسم الجمر
حين يلامس قدميك؟
كنتِ تنفضين
الغبار عن الغيم
وتعلّمين الريح كيف تهيم في العتمة،
كنتِ تُلبسين
القمرَ معطفكِ الشفاف
ليطلّ على الأرض عاريًا من حزنه،
كنتِ تمنحين
الليل نكهة النبيذ
وتجعلينه يسكر قبل أن يصل الفجر.
كيف إذاً صرتِ بعيدة،
وكيف تُركتُ لمصيري
كمدينةٍ بلا أبواب؟
أنا الذي ما زلتُ أراكِ في كل ظل،
في كل مرآة،
في كل نافذة مفتوحة
على صراخ الغياب.
ها أنا أكتبكِ،
كمن يفتّش عن جسده
في مرايا مكسورة،
كمن يضع قلبه في يد الريح
ويقول لها:
“احمليه إلى حيث تسكن”.
أأهملتِ نفسك،
وأنتِ التي جعلتِ النارَ تصير عرسًا،
والجمرَ ساحةً للرقص،
والطريقَ جوقةً من ضوء؟
ما زلتُ أرى فساتينك معلّقة،
كأنها أشجارٌ فقدت أغصانها،
ألمسها في غيابك
فتفوح منها رائحة جسدك،
كأنكِ لم ترحلي بعد،
كأنكِ مختبئة في الخيوط،
أو عالقة بين أنفاسي.
أيتها البعيدة،
أعيديني من غربتي،
أعيديني إلى حيث كنتِ
امرأةً تعرف كيف تفتح للقصيدة نافذتها،
وتُلقّن السماء درسها الأول في الحب.