د.فيروزالولي تكتب:حكاية عمو رشاد العليمي والسبعة … وميزانية واحدة!

المشهد الأول: ولادة المجلس من خاصرة الفندق
المكان: بهو فندق خمس نجوم في الرياض
الشخصيات: سبعة رجال ببدلات فاخرة، يمضون على أوراق غير مفهومة، بينما المكيف يئن بصوت أعلى من صوتهم.
الراوي (بصوت ساخر):
“وهكذا، وُلد مجلس القيادة الرئاسي… لا من رحم الثورة، ولا من معارك التحرير، بل من غرفة اجتماعات مكيفة، فيها القهوة أغلى من ميزانية الدولة.”
تحليل:
المجلس لم يكن نتيجة توافق وطني، بل مشروع استيراد سياسي معبأ في علب فاخرة، وتاريخ انتهاء غير معلن.
المشهد الثاني: “فرقة السبعة” تعزف النشاز
المكان: قاعة اجتماعات افتراضية، كل عضو في دولة مختلفة.
الوصف: رشاد العليمي في الوسط، يرفع يده محاولًا بدء الاجتماع، لكن الجميع يعزف على آلة مختلفة: عود، ربابة، طبلة، ومزمار إلكتروني من أبو ظبي.
العضو الأول (متحمس):
“أنا أطالب بحقي في نفط شبوة!”
العضو الثاني (من نافذة زووم):
“ونحن نطالب بحقي في الميناء والجمارك!”
العليمي (يهمس):
“يا جماعة… من يحكم من؟ وعلى ماذا؟!”
تحليل:
القيادة منقسمة أفقياً وعمودياً، لا قرارات حاسمة، بل مداولات عبثية تشبه جلسة عائلية لخلاف على ميراث غير موجود.
المشهد الثالث: معركة الميزانية – “أين الريال؟”
المكان: اجتماع مالي مغلق
الحدث: السبعة يتبادلون نظرات الاتهام حول اختفاء الميزانية
عضو ثالث (ساخر):
“آخر مرة شفت الميزانية كانت في شنطة مع أحد المندوبين… يمكن نسيها في المصعد؟”
العضو الرابع (بجدية مصطنعة):
“أقترح تشكيل لجنة للبحث عن الميزانية… ولجنة لمراقبة اللجنة!”
تحليل:
الميزانية العامة أصبحت مثل “شبح” يُشاهد أحياناً في تقارير إعلامية، لكنه لا يظهر في الواقع، لا في الرواتب، ولا في الخدمات.
المشهد الرابع: المكتب العظيم للتعيينات السريّة
المكان: غرفة مظلمة، أوراق مبعثرة، طابعة تعمل ليلًا بلا توقف.
الوصف:
لكل عضو في المجلس جهاز كمبيوتر محمول يحمل تطبيق “تعييناتي”، يختار من خلاله:
الدرجة الوظيفية
اسم ابن العم
اسم المدينة
الجهة الممولة
عضو خامس (يفتح اللابتوب):
“عيّن لي ابن خالي مديرًا عامًا، عنده خبرة في رفع علم الدولة الداعمة… من غير غلط!”
تحليل:
الوظائف العامة لم تعد للمؤهلين، بل للمقرّبين، حتى باتت الدولة كأنها شركة “عائلية متعدّدة الفروع”، والموظف المدني مجرد كائن نادر مهدد بالانقراض.
المشهد الخامس: المواطن في الظل – “أبو قاسم ينتظر”
المكان: غرفة من صفيح في أطراف عدن
الوصف:
أبو قاسم، موظف حكومي منذ 20 عامًا، ينتظر راتبًا لم يأتِ، يشرب الشاي من كيس بلاستيكي، ويشاهد نشرة الأخبار على هاتف مشروخ.
أبو قاسم (بصوت متعب):
“يا ولدي، احفظها عني: الوظيفة تُمنح بحسب الواسطة، لا الشهادة. والوطن؟ صار يوزع بالتقسيط السياسي.”
تحليل:
المواطن اليمني لم يعد ينتظر الخلاص، بل فقط أن لا يُقصى من قائمة الموظفين… بعد موته.
المشهد السادس: لجنة لحل اللجان!
المكان: اجتماع طارئ جداً
الحدث: اكتشاف وجود 34 لجنة لا أحد يعرف ماذا تفعل.
عضو سادس (بجديّة مفرطة):
“أقترح تشكيل لجنة عليا لمتابعة أعمال اللجان، ولجنة فرعية لمحاسبة اللجان الكسولة.”
عضو آخر يهمس:
“بس لا تنسوا: نعيّن أبناءنا في اللجان الجديدة.”
تحليل:
اللجان أصبحت هي الحل والمرض في آنٍ واحد. الدولة لا تحكم بالقرارات بل بالملفات المفتوحة التي لا تُغلق أبدًا.
المشهد السابع: الصورة التذكارية الأخيرة
المكان: جلسة تصوير رسمية
الوصف:
أعضاء المجلس يقفون أمام الكاميرا، يتسابقون على الوقوف في المنتصف. أبو قاسم يحاول التسلل للصورة… يُقص بالفوتوشوب.
المصوّر (بصوت بارد):
“المواطن خارج الإطار، الصورة لأصحاب القرار فقط.”
تحليل:
في هذه الجمهورية، لا يُحسب المواطن طرفًا في المعادلة. وجوده رمزي، حضوره إعلامي، وحقوقه مؤجلة حتى إشعار خارجي.
المشهد الثامن: الخاتمة – “النجاح في الفشل”
المكان: أكاديمية دولية للحوكمة
العنوان: كورس تدريبي بعنوان: “كيف تفشل دون أن تسقط؟”
المدرّس يكتب على السبورة:
فشل مؤسسي مستدام
تناحر متوازن
انفصام تنفيذي بنكهة وطنية
إنجازات وهمية لتأخير الكارثة
تحليل ختامي:
مجلس القيادة الرئاسي نجح فقط في شيء واحد:
تثبيت الأزمة كواقع مستقر.