تمارين خفيفة على الغياب….بقلم محب خيري الجمال

تمارين خفيفة على الغياب
كانت تضع الصباح في حقيبتها
كأنّه وجبة خفيفة،
ولا تنسى أن تترك لي ظلّها
عالقًا في مقبض الباب.
تفتح النافذة،
فتدخل المدن التي لا تعرفها،
وتربّت على الهواء
كأنه قطةٌ نامت بين كفّيها بالأمس.
كلما مشتْ
كانت الأرصفة تعتدلُ تحت قدميها
كما يفعل العشّاق حين يمرُّ اسمها
في حوارٍ عابر.
هي لا تعرفني جيدًا،
لكنها تترك مكانًا شاغرًا
في أحاديثها،
كأنها تنتظر جملةً منسية
سقطت من فمي،
ولم تصل.
وجهها يشبه بلاغة الماء
حين يحتار الظمآن بينه
وبين الحنين.
كانت تمرّ على حزني
كما تمرّ الأغنية في راديو مكسور،
تسمعني كما يسمع الغريب
صوت قطار لا ينوي الصعود إليه،
لكنه يتأخر
احترامًا للذاكرة.
هي لا تمشي،
بل تسير على خيطٍ مشدودٍ
بين قلقي
وما لم يحدث
وفي كل مساء،
تخلع الوقت كمعطفٍ مستعار،
وتعلقه في الجهة التي نسيتُ فيها نفسي.
لم تكن تحبني،
لكنها كانت تقف
في المكان الذي سقطت فيه
كل كلماتي التي لم أجرؤ على قولها.
مرّتْ، من هنا
أقصد أنها مرّتٔ من أمامي
لا، مرّتْ داخلي
ورأتني أكتب هذا الكلام.
لم تسأل،
لكنها ابتسمت
كأنها عرفت
أن الغياب لا يكتمل
إلا إذا ناداه أحدٌ باسمه الأول.