تِشرينْ/للشاعرة العراقية اعتماد الفراتي

تَشْرِينُ
في جَدْبِ الفُصُولِ
لا أَعلمُ كَيْفَ تَنْمو الذِّكْرَيَاتُ
فتَأبى الأفُول
على جَسَدِ الوَقْتِ
تَتَناسلُ كَبُذُورِ غَيْمٍ
سَقَطَتْ مِنْ حَدَائِقِ غَيْبٍ
تَرْقُصُ على حَافَّةِ نَهْرٍ يَتِيمٍ
أَنْزِعُ عن عَيْنَيْهَا قَذَى المُحَالِ
تَجْرِي في الخَيَالِ
تَضَعُ رَأْسَهَا فَوْقَ وِسَادَتِي
تَمُرُّ كَطَيْفٍ مَبْتُورٍ
أَرُشُّهَا بِالضَّوْءِ
أَزيحُه عَنْهَا…
أَرُشُّهَا ثَانِيَةً
فَتَجِيءُ الرِّيحُ
كَاهِنَةً عَمْيَاءَ
تَنْفُضُ جَدَائِلَهَا
تَسْرِقُ حَبَّاتِ الوَقْتِ
تَمْضِي بِبَرْدٍ
يُشْبِهُ صَمْتَ الأَرْوَاحِ
تَحْمِلُ نَوَارِسَ خَرِيفٍ
مُعَلَّقٍ بَيْنَ وَهْمٍ وَ حُلْم
تَزْرَعُ أَنْفَاسَهَا
على زُجَاجِ نَافِذَتِي
وُجُوهًا عَارِيَةً بِلَا عُيُونٍ
مُثَبَّتَةً بِدَبَابِيسِ من فَرَاغِ
يَتَسَلَّلُ ظِلُّهَا خَلْفَ السِّتَارَةِ
كُلَّمَا مَسَّتْهُ أَطْرَافُ أَصَابِعِي
تَلَاشَى في السَّرَابِ
ذَابَ كَالطَّلَاسِمِ في الضَّبَابِ
آه تَشْرِينُ..
لَمْ تَكُنْ خَيَالَاتٍ
بَلْ قَبْضَة ذِكْرَيَاتٍ
لا أَعْلَمُ كَيْفَ أَمْحُوهَا
أَضَعُهَا على كَفِّي
أُطْلِقُهَا في الهَوَاءِ
كفَرَاشَةٍ بِجَنَاحٍ وَحِيدٍ
تَخْشَى الطَّيَرَانَ…
كَيْ لا تَظَلَّ غَرِيبَةً
تُحَاوِرُ وَحْدَتِي.
#اعتماد الفراتي